كَمَا كَانَ بعض الْجُهَّال يحصب أويسا الْقَرنِي. وَالرَّابِع: أَنه قد يكون بَين الْوَلِيّ وَبَين النَّاس معاملات وخصومات وَلَيْسَ كل الْأَوْلِيَاء ينفردون فِي الزوايا، فَرب ولي فِي السُّوق.
وَأما الْإِشْكَال الثَّانِي: فَإِن الْإِنْسَان إِنَّمَا خُوطِبَ بِمَا يعقل، وَنِهَايَة الْعَدَاوَة الْحَرْب، ومحاربة الله عز وَجل للْإنْسَان أَن يهلكه، وَتَقْدِير الْكَلَام: فقد تعرض لإهلاكي إِيَّاه.
وَأما الْإِشْكَال الثَّالِث: فَإِن فِي أَدَاء الْوَاجِبَات احتراما لِلْأَمْرِ وتعظيما لِلْأَمْرِ، وَبِذَلِك الإنقياد تظهر عَظمَة الربوبية، وَيبين ذل الْعُبُودِيَّة.
وَأما الرَّابِع: فَإِنَّهُ لما أدّى الْمُؤمن جَمِيع الْوَاجِبَات ثمَّ زَاد بالتنفل وَقعت الْمحبَّة لقصد التَّقَرُّب، لِأَن مؤدي الْفَرْض رُبمَا فعله خوفًا من الْعقَاب، والمتقرب بالنفل لَا يَفْعَله إِلَّا إيثارا للْخدمَة والقرب، فيثمر لَهُ ذَلِك مَقْصُوده.
وَأما الْخَامِس: فَإِن قَوْله: ((كنت سَمعه وبصره)) مثل، وَله أَرْبَعَة أوجه: أَحدهمَا: كنت كسمعه وبصره فِي إيثاره أَمْرِي، فَهُوَ يحب طَاعَتي ويؤثر خدمتي كَمَا يحب هَذِه الْجَوَارِح. وَالثَّانِي: أَن كليته مَشْغُولَة، فَلَا يصغي بسمعه إِلَّا إِلَى مَا يرضيني، وَلَا يبصر إِلَّا عَن أَمْرِي. وَالثَّالِث: أَن الْمَعْنى أَنِّي أحصل لَهُ مقاصده كَمَا يَنَالهُ بسمعه وبصره. وَالرَّابِع: كنت لَهُ فِي العون والنصرة كبصره وَيَده اللَّذين يعاونانه على عدوه.