من عادى لي وليا فقد آذنته بِالْحَرْبِ)) .
فِي هَذَا الحَدِيث إشكالات سَبْعَة: أَحدهَا: أَن يُقَال: كَيفَ يعادي الْإِنْسَان الْأَوْلِيَاء والأولياء قد تركُوا الدُّنْيَا وانفردوا عَن الْخلق، فَإِن جهل عَلَيْهِم جَاهِل حلموا، والعداوة إِنَّمَا تكون عَن خُصُومَة؟ والإشكال الثَّانِي: قَوْله: ((فقد آذنته بِالْحَرْبِ)) وَكَيف يتَصَوَّر الْحَرْب بَين الْخَالِق والمخلوق؟ والمحارب مناظر وَهَذَا الْمَخْلُوق فِي أسر قَبْضَة الْخَالِق. والإشكال الثَّالِث: ((وَمَا تقرب إِلَيّ عَبدِي بِشَيْء أحب إِلَيّ مِمَّا افترضت عَلَيْهِ)) وَالْعَادَة قد جرت بِأَن التَّقَرُّب يكون بِمَا لَا يجب كالهدايا إِلَى الْمُلُوك دون أَدَاء الْخراج، فَإِن مؤدي اللَّازِم لَا يكَاد يحمد، وَإِنَّمَا يشْكر من فعل مَا لَا يجب. وَالرَّابِع: أَن يُقَال: فَإِذا كَانَت الْفَرَائِض أفضل القربات، فَكيف أثمرت النَّوَافِل الْمحبَّة وَلم تثمرها الْفَرَائِض؟ وَالْخَامِس: قَوْله: ((كنت سَمعه وبصره وَيَده)) فَمَا صُورَة هَذَا؟ وَالسَّادِس: قَوْله: ((وَلَئِن سَأَلَني لأعطينه)) وَكم قد رَأينَا من عَابِد وَصَالح يَدْعُو ويبالغ وَلَا يرى إِجَابَة. وَالسَّابِع: قَوْله: ((وَمَا ترددت عَن شَيْء)) والتردد إِنَّمَا يَقع إِذا أشكلت الْمصلحَة فِي العواقب، وَذَلِكَ ينشأ عَن ضعف التَّدْبِير، وَالْحق عز وَجل منزه عَن ذَلِك.
وَالْجَوَاب: أما الْإِشْكَال الأول: فَإِن معاداة الْأَوْلِيَاء يَقع من أَرْبَعَة أوجه: أَحدهَا: أَن يعاديهم الْإِنْسَان عصبية لغَيرهم، كَمَا يعادي الرافضي أَبَا بكر وَعمر. وَالثَّانِي: مُخَالفَة لمذهبهم كَمَا يعادي أهل الْبدع أَحْمد ابْن حَنْبَل. وَالثَّالِث: احتقارا لَهُم، فَيكون الْفِعْل بهم فعل الْأَعْدَاء،