وَأما السَّادِس: فَإِنَّهُ مَا سُئِلَ ولي قطّ إِلَّا وَأجِيب، وَإِلَّا أَنه قد تُؤخر الْإِجَابَة لمصْلحَة، وَقد يسْأَل مَا يظنّ فِيهِ مصلحَة وَلَا يكون فِيهِ مصلحَة فيعوض سواهُ.

وَأما السَّابِع فَجَوَابه من وَجْهَيْن: أَحدهمَا: أَن يكون التَّرَدُّد للْمَلَائكَة الَّذين يقبضون الْأَرْوَاح، فأضافه الْحق عز وَجل إِلَى نَفسه لِأَن ترددهم عَن أمره، كَمَا قَالَ تَعَالَى: {وَمَا نَتَنَزَّل إِلَّا بِأَمْر رَبك} [مَرْيَم: 64] وَتردد الْمَلَائِكَة إِنَّمَا يكون لإِظْهَار كَرَامَة الْآدَمِيّ كَمَا تردد ملك الْمَوْت إِلَى آدم وَإِبْرَاهِيم ومُوسَى وَنَبِينَا صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، فَأَما أَن يكون التَّرَدُّد لله فمحال فِي حَقه، وَهَذَا مَذْهَب الْخطابِيّ. فَإِن اعْترض على هَذَا فَقيل: مَتى أَمر الْملك بِقَبض الرّوح لم يجز لَهُ التَّرَدُّد فَكيف يتَرَدَّد؟ فَالْجَوَاب من وَجْهَيْن: أَحدهمَا: أَن يكون إِنَّمَا تردد فِيمَا لم يجْزم لَهُ فِيهِ على وَقت، كَمَا رُوِيَ: ((أَنه لما بعث ملك الْمَوْت إِلَى الْخَلِيل قيل لَهُ: تلطف بعبدي)) . وَالثَّانِي: أَن يكون تردد رقة ولطف بِالْمُؤمنِ، لَا أَنه يُؤَخر الْقَبْض، فَإِنَّهُ إِذا نظر إِلَى قدر الْمُؤمن من احترمه فَلم تنبسط يَده لقبض روحه، وَإِذا ذكر أَمر الْإِلَه لم يكن لَهُ يَد فِي امتثاله.

وَالثَّانِي: أَنه خطاب لنا بِمَا نعقل، وَقد تنزه الرب عز وَجل عَن حَقِيقَته كَمَا قَالَ: ((من أَتَانِي يمشي أَتَيْته هرولة)) فَكَمَا أَن أَحَدنَا يتَرَدَّد فِي ضرب وَلَده فيأمره التَّأْدِيب بضربه وتمنعه الْمحبَّة، فَإِذا أخبر بالتردد فهمنا قُوَّة محبته لَهُ بِخِلَاف عَبده فَإِنَّهُ لَا يتَرَدَّد فِي ضربه، فَأُرِيد تفهيمنا تَحْقِيق الْمحبَّة للْوَلِيّ بِذكر التَّرَدُّد. وَمن الْجَائِز أَن يكون تركيب الْوَلِيّ يحْتَمل خمسين سنة، فيدعو عِنْد الْمَرَض فيعافى ويقوى تركيبه فيعيش عشْرين أُخْرَى، فتغيير التَّرْكِيب والمكتوب من الْأَجَل كالتردد، وَذَلِكَ

طور بواسطة نورين ميديا © 2015