على رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فقالا: يا بنَ هاشمٍ! يا بنَ سيّدِ قومِه! أنتم أهلُ حرم الله وجيرانُه، تفكون العانيَ، وتطعمون الأسير، جئنا في ابننا، فامننن علينا، فإنّا سندفع لك الفداء، فقال: "ما هو؟ "، فقالوا: زيد، قال: "فهلّا غير ذلك؟ "، قالوا: ما هو؟ قال: "ادعوه فخيّروه، فإن اختاركم، فهو لكم بغيرِ فداء، وإن اختارني، فوالله! ما أنا بالذي أختار على من اختارني أحدًا"، قالا: قد زدتنا على النصفة، فدعاه، فقال: "هل تعرف هؤلاء؟ "، قال: هذا أبي، وهذا عمي. قال: "وأنا من قد علمتَ، فاخترني أو اخترهما"، فقال: ما أنا بالذي أختار عليكَ أحدًا، فقالا: ويحك يا زيد! تختار العبودية على الحرية وعلى أبيك وعمك! قال: نعم، إنِّي قد رأيتُ في هذا الرجل شيئًا ما أنا بالذي أختارُ عليه أحدًا، فلما رأى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ذلك، أخرجه إلى الحِجْر، فقال: "يا من حضر! اشهدوا أنّ زيدًا ابني، يرثني وأرثه"، فلما رأى ذلك أبوه وعمه، طابت أنفسهما، وانصرفا، فدعي: زيدَ بنَ محمّد إلى أن جاء الإسلام ونزل: {ادْعُوهُمْ لِآبَائِهِمْ هُوَ أَقْسَطُ عِنْدَ اللَّهِ} [الأحزاب: 5]، فقيل له: زيدُ بنُ حارثةَ، فزوجه رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - زينبَ بنتَ جحش.
قال الزهري: زيدٌ أولُ من أسلم، وقال غيره: أسلمَ بعدَ علي، وقيل: هو أولُ من أسلم من الموالي، شهد بدرًا وأُحدًا والخندق والحديبية وخيبر، واستخلفه النبي - صلى الله عليه وسلم - على المدينة حين خرج إلى المريسيع، وخرج أميرًا في سبع سرايا، ولم يَذكر في القرآن صحابيًا باسمه غيره في قوله -تعالى-: {فَلَمَّا قَضَى زَيْدٌ مِنْهَا وَطَرًا زَوَّجْنَاكَهَا} [الأحزاب: 37].
قال في "جامع الأصول": كان النبي - صلى الله عليه وسلم - أكبرَ منه بعشر سنين، وقيل: بعشرين سنة، وزوجه - صلى الله عليه وسلم - مولاته أم أيمن، فولدت له أسامة، ثم زوجه