شجرة، فقال: اذهب فانظر من هؤلاء الركب؟ قال: فنظرت، فإذا صهيب، فأخبرته، فقال: ادعه لي، فرجعت إلى صهيب، فقلت: ارتحل فالحقْ بأمير المؤمنين، فلما أُصيب عمر، دخل صهيب يقول: واأخاه! واصاحباه! فقال عمر -رضي اللَّه عنه-: يا صهيب! أتبكي عليَّ، وقد قال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: "إن الميت يعذب ببعض بكاء أهله عليه"؟! قال ابن عباس -رضي اللَّه عنهما-: فلما مات عمر -رضي اللَّه عنه-، ذكرت ذلك لعائشة -رضي اللَّه عنها- فقالت: يرحم اللَّه عمر، واللَّه! ما حدث رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: أن اللَّه ليعذب المؤمن ببكاء أهله عليه، لكن -وفي رواية بزيادة الواو- رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- قال: "إن اللَّه ليزيد الكافر عذابًا ببكاء أهله عليه"، وقالت: حسبكم القرآن: {وَلَا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى} [الإسراء: 15]. قال ابن عباس -رضي اللَّه عنهما- عند ذلك: واللَّه هو أضحك وأبكى؛ تقريرًا لما ذهبت إليه عائشة قال ابن أبي مليكة: واللَّه ما قال ابن عمر -رضي اللَّه عنهما- شيئًا (?).
قال ابن المنير: سكوت ابن عمر لا يدل على الإذعان، فكأنه كره المجادلة، إذ المجلس إذ ذاك لا يقبل المماراة (?).
قال الخطابي: الرواية إذا ثبتت، لم يكن في دفعها سبيل بالظن، وقد رواه عمر، وابنه، وكذلك المغيرة بن شعبة، وليس فيما حكت عائشة -رضي اللَّه عنها- ما يدفع الرواية بجواز صحة الخبرين، إذ لا منافاة بينهما (?).