فقالت طائفة: اللَّه يتصرف في خلقه بما يشاء، وأفعال اللَّه لا تعلل، ولا فرق بين التعذيب بالنوح عليه، والتعذيب بما هو منسوب إليه؛ لأن اللَّه تعالى خالق الجميع، واللَّه تعالى يؤلم الأطفال، والبهائم، والمجانين؛ بغير عمل عملوه.
وقالت أخرى: هذه الأحاديث غير صحيحة، وقد أنكرتها عائشة -رضي اللَّه عنها-، واحتجت بقوله تعالى: {وَلَا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى} [الإسراء: 5]، وفي "الصحيحين" عن عروة، قال: ذكر عند عائشة؛ أن [ابن] عمر -رضي اللَّه عنهم- يرفع إلى النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-: "أن الميت يعذب في قبره ببكاء أهله"، فقالت: وَهِلَ -أي: ذهب وهمه إلى ذلك-، إنما قال النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-: إنه ليعذب بخطيئته، أو بذنبه، وإن أهله ليبكون عليه الآن" (?).
وفيهما عن عبد اللَّه بن عبيد اللَّه بن أبي مليكة، قال: توفيت بنت لعثمان بمكة، وجئنا لنشهدها، وحضرها ابن عمر، وابن عباس -رضي اللَّه عنهم-، وإني لجالس بينهما، أو جلست إلى أحدهما، ثم جاء الآخر فجلس إلى جنبي. زاد مسلم: فإذا صوت من الدار.
وعند الحميدي من رواية عمرو بن دينار، عن ابن أبي مليكة: فبكى النساء، فقال عبد اللَّه بن عمر -رضي اللَّه عنهما- لعمرو بن عثمان: ألا تنهى عن البكاء؟! فإن رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- قال: "إن الميت ليعذب ببكاء أهله عليه"؟ فقال ابن عباس -رضي اللَّه عنهما-، قد كان عمر -رضي اللَّه عنه- يقول بعض ذلك، ثم حدث -أي: ابن عباس-، قال: صدرت مع عمر -رضي اللَّه عنه- من مكة، حتى إذا كنا بالبيداء، إذا هو بركب تحت ظل