وَمن تَبِعَهُمْ ثمَّ لَو قدر أَن أحدا من الْعلمَاء توقف عَن القَوْل بِكفْر أحد من هَؤُلَاءِ الْجُهَّال المقلدين للجهمية أَو الْجُهَّال المقلدين لعباد الْقُبُور أمكن أَن نعتذر عَنهُ بِأَنَّهُ مخطيء مَعْذُور وَلَا نقُول بِكُفْرِهِ لعدم عصمته من الْخَطَأ وَالْإِجْمَاع فِي ذَلِك قَطْعِيّ وَلَا بدع أَن يغلط فقد غلط من هُوَ خير مِنْهُ كَمثل عمر بن الْخطاب فَلَمَّا نبهته الْمَرْأَة رَجَعَ فِي مَسْأَلَة الْمهْر وَفِي غير ذَلِك وكما غلط غَيره من الصَّحَابَة
وَقد ذكر شيخ الْإِسْلَام فِي رفع الملام عَن الْأَئِمَّة الْأَعْلَام عشرَة أَسبَاب فِي الْعذر لَهُم فِيمَا غلطوا فِيهِ وأخطأوا وهم مجتهدون
وَأما تكفيره أَعنِي المخطيء والغالط فَهُوَ من الْكَذِب والإلزام الْبَاطِل فَإِنَّهُ لم يكفر أحد من الْعلمَاء أحدا إِذا توقف فِي كفر أحد لسَبَب من الْأَسْبَاب الَّتِي يعْذر بهَا الْعَالم إِذا أَخطَأ وَلم يقم عِنْده دَلِيل على كفر من قَامَ بِهِ هَذَا الْوَصْف الَّذِي يكفر بِهِ من قَامَ بِهِ بل إِذا بَين لَهُ ثمَّ بعد ذَلِك عاند وكابر وأصر وَلِهَذَا لما اسْتحلَّ طَائِفَة من الصَّحَابَة وَالتَّابِعِينَ كقدامة بن مَظْعُون وَأَصْحَابه شرب الْخمر وظنوا أَنَّهَا تُبَاح لمن عمل صَالحا على مَا فهموه من آيَة الْمَائِدَة اتّفق عُلَمَاء الصَّحَابَة كعمر وَعلي وَغَيرهمَا على أَنهم يستتابون فَإِن أصروا على الاستحلال كفرُوا وَإِن أقرُّوا بِالتَّحْرِيمِ جلدُوا فَلم يكفروهم