فالضرب الأول من قلد أَشْيَاخ الضلال الَّذين سلكوا على طَريقَة الْجَهْمِية وقفُوا آثَارهم فقلدهم هَؤُلَاءِ وأحسنوا بهم الظَّن لأجل ديانتهم فِي النَّاس وَلم يَجدوا سوى أَقْوَالهم فقنعوا بهَا وَرَضوا بهَا وَلَو يقدرُونَ على الْهدى وسلوك الصِّرَاط الْمُسْتَقيم الَّذِي كَانَ عَلَيْهِ أَصْحَاب رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وتابعوهم لم يرتضوا بسواه وَلم يستبدلوا بِهِ أَقْوَال من صدف عَن الْحق ونكب عَنهُ وَقَالَ بالبهتان فَهَؤُلَاءِ معذورون إِن لم يظلموا ويكفروا بِالْجَهْلِ والعدوان
وَالضَّرْب الثَّانِي من طلب الْحق وَبحث وصنف وقصده التَّوَصُّل إِلَى معرفَة الْحق لَكِن طلبه للحق لَيْسَ هُوَ من بَابه بل سلك طرقا تُفْضِي بِهِ إِلَى غير الْحق ودرك الْيَقِين وحقائق الْإِيمَان فَلم يتَبَيَّن لَهُ الْحق من الْبَاطِل بل اشتبهت عَلَيْهِ الْأُمُور وموارد الطّرق الَّتِي تورده إِلَى الصِّرَاط الْمُسْتَقيم وَإِلَى مَا كَانَ عَلَيْهِ السّلف الصَّالح فَوقف متحيرا لَا يدْرِي أَيْن طَرِيق الْحق الَّذِي ينجيه من طَرِيق الْبَاطِل الَّذِي يرديه مَعَ حسن قَصده وَعدم شكه فِي الله وَدينه وَكتابه وَرَسُوله ولقائه فَهَذَا الضَّرْب بَين الذَّنب والأجرين أَو أَحدهمَا أَو مغْفرَة الله وَهَذَا بِخِلَاف الْعَاجِز المعرض الَّذِي لم يرفع رَأْسا بدين الْإِسْلَام بل هُوَ رَاض بِمَا هُوَ عَلَيْهِ لَا يُؤثر غَيره وَلَا تطلب نَفسه سواهُ وَلَا طلب الْحق وَلَا أحبه وَلَا أَرَادَهُ وَهَؤُلَاء الْأَقْسَام كلهم مجتمعون فِي الْبِدْعَة وَإِن اخْتلفت أحكامهم وَإِذا