الْخَبَر فَكَأَنَّهُ وجد على من ذَلِك فَلم يبْعَث إِلَى ثَلَاثًا فَجَلَست لَيْلَة فتناولت الدواة وأنشأت أَقُول: -
(عَلمنِي جودك السماح فَمَا ... أبقيت شَيْئا لَدَى من صلتك)
(تَمام شهر أَلا سمحت بِهِ ... كَأَن لى قدرَة كمقدرتك)
(تتْلف فِي الْيَوْم بالهبات وَفِي السَّاعَة ... مَا تجتنيه فِي سنتك)
(وَلست أدرى من أَيْن ينْفق لَو ... لَا أَن رَبِّي يجزى على هِبتك)
فَلَمَّا كَانَ فِي الْيَوْم الرَّابِع بعث إِلَى فصرت إِلَيْهِ فَدخلت فَسلمت فَرفع صَوته إِلَى ثمَّ قَالَ: اسقوه رطلين فسقيت رطلين ثمَّ قَالَ غنني قَالَ: فغنيته بِهَذِهِ الأبيات. فَقَالَ لي: ادن. فدنوت. فَقَالَ لي: أَجْلِس فَجَلَست. فَقَالَ لي: أعد الصَّوْت. فَأَعَدْت ففهمه فَلَمَّا عرف معنى الشّعْر قَالَ لخادم لَهُ: أحضرني مُحَمَّدًا يَعْنِي الطاهري فَقَالَ لَهُ مَا عنْدك من مَال الضّيَاع؟ قَالَ: ثَمَان مائَة ألف. قَالَ. أحضر نيها السَّاعَة فجيء يثمانين بدرة فَقَالَ: غلْمَان فأحضر ثَمَانُون مَمْلُوكا فَقَالَ أوصلوا المَال، ثمَّ قَالَ لي يَا مُحَمَّد: خُذ المَال والمماليك لَا تحْتَاج أَن تعطيهم شَيْئا.
قَالَ أَحْمد بن أبي طَاهِر: حَدثنِي بعض أَصْحَابنَا. قَالَ: بعث الْمَأْمُون إِلَى كَاتب لطلْحَة يُقَال لَهُ على بن يحيى فَطَلَبه فأشخصه إِلَيْهِ وَخرج مشيعا لَهُ فَلَمَّا رَجَعَ أكل من هَذَا المبرقط بالربيثاء فاشتكى بَطْنه فَقَالَ أجد فِي بَطْني وجعا. قَالَ: ثمَّ أصبح فَوَجَدَهُ فَلَمَّا كَانَ فِي يَوْم الْأَحَد مَاتَ. قَالَ قلت لَهُ: بخراسان ربيثاء؟ قَالَ: يحمل من الْعرَاق أَي يَابِس. قَالَ: وَكَانَت وَفَاته ببلخ فرثاه أَبُو السحيل بِشعر لَهُ طَوِيل يَقُول فِيهِ: -
(ألم ببلخ على الْقُبُور مُسلما ... إِن الْقُبُور حَقِيقَة بالمام)