كتاب بغداد (صفحة 86)

حَدثنِي أَبُو الْعَبَّاس مُحَمَّد بن عَليّ بن طَاهِر. قَالَ: حَدثنِي خزامي جَارِيَة الْعَبَّاس ابْن جَعْفَر الأشعثي الْخُزَاعِيّ اليمامية وَكَانَت قارئة تقْرَأ قَالَت: كَانَ عمك طَلْحَة يزور الْفضل بن الْعَبَّاس فَيخرج جمَاعَة من جواري أَبِيه إِلَيْهِ، فَذكرت لطلْحَة جَارِيَة مغنية قدم بهَا من الْعرَاق فَأمر بإحضارها فأحضرت مَعَ مَوْلَاهَا فأدخلت وَقعد مَوْلَاهَا خَارج الدَّار فنولت الْعود وَقيل تغنى فأندفعت تغنى: -

(شوقي إِلَيْك جَدِيد ... فِي كل يَوْم يزِيد)

(وَالْعين بعد دموع ... مثل السَّحَاب يجود)

وَهِي تبْكي ودموعها على عودهَا تقطر فَقَالَ لَهَا: وَيحك مَالك تبكين؟ فَقَالَت: إِنَّهَا تحب مَوْلَاهَا ومولاها يُحِبهَا. قَالَ: فَلم يبيعك؟ . قَالَت الْخلَّة، فَأمر بشراها فأشتريت بإثنى عشر ألف دِرْهَم وَدفع المَال إِلَى الْمولى ثمَّ أَمر بمسئلته عَن الْخَبَر فَوَافَقَ قَول الْجَارِيَة فَأمر بِتَسْلِيم الْجَارِيَة إِلَيْهِ وَترك المَال عَلَيْهِ.

حَدثنِي أَحْمد بن يحيى الرَّازِيّ. قَالَ: سَمِعت مُحَمَّد بن الْمثنى بن الْحجَّاج عَن قُتَيْبَة ابْن مُسلم قَالَ: بعث إِلَى طَلْحَة بن طَاهِر يَوْمًا وَقد انْصَرف من وقْعَة الشراة وَقد أَصَابَته ضَرْبَة فِي وَجهه. فَقَالَ الْغُلَام: أجب. قَالَ قلت: وَمَا يعْمل؟ قَالَ: يشرب فمضيت إِلَيْهِ فَأدْخل فَإِذا هُوَ جَالس قد عصب ضَربته وتقلنس بقلنسوة مَكِّيَّة. فَقلت: سُبْحَانَ اللَّهِ أَيهَا الْأَمِير مَا حملك على لبس هَذَا. قَالَ: تبرما بِغَيْرِهِ. ثمَّ قَالَ بِاللَّه غنيني

(إِنِّي لأكنى بأجبال عَن أجبلها ... وباسم أَوديَة عَن اسْم واديها)

(عمدا ليحسبها الواشون غَائِبَة ... أُخْرَى ويحسب أَنِّي لَا أباليها)

قَالَ: أَحْسَنت وَالله أعد. فمازلت أعيدهما عَلَيْهِ حَتَّى حَضَره الْعَتَمَة فَقَالَ لخادم لَهُ: هَل بالحضرة من مَال؟ فَقَالَ: مِقْدَار سبع بدر. فَقَالَ: تحمل مَعَه. فَلَمَّا خرجت من عِنْده تَبِعنِي جمَاعَة من الغلمان يسئلوني فوزعت المَال فيهم. فَرجع إِلَيْهِ

طور بواسطة نورين ميديا © 2015