لتشوق طباعهم إلى حصول الغنائم أموالًا وشبانًا وأسلحة ومراكب، وما أشبه ذلك من زخرف الدنيا. فلذلك وجب أن لا يعتقد أن شيئًا من أمور الدنيا داخل في الأجزية عن الأعمال لا نعيمًا ولا بالنا. وإنما الساعة موعدهم، وإليها تشوقهم، ومن عذابها خوفهم. فتخلص الأعمال لوعد الله، والتروك لوعيد الله.
فالجواب عن هذا أن الله سح، العالم بما وضع فيهم من الطباع، قد نطق بآيات تتضمن ما ذكرنا، وعجل من النعم ما ذكرنا، وعجل ممن النعم ما ذكر أنها تحصل بشكرهم بأعمالهم الصالحة، وأنهم إذا فعلوا ذلك أمدهم ببركات من السماء والأرض. فقد نبههم على أن نعمة مقابلة على الأعمال. فلو علم أن ذلك شوب في الطاعة مبعدًا من الإخلاص، لما ذكرنا شيئًا من ذلك، وعجل الحدود والعقوبات روادع وصوارف عن القبائح. وأي حكم يبقى للوعيد مع الناجز من عذابه بالحدود؟ فيصير الانتهاء لأجل السوط والحجر دون النار، أو منهما. فقد حصل الشوب وزال الإخلاص في التروك والأعمال. وعجل في الدنيا من بطشانه المستأصلة خسفًا ورجمًا وحسبانًا من السماء وريحًا وطوفانًا وسخًا للصور، وإلى أمثال ذلك من المثلات التي يقع الفزع منها أوفى من الفزع من النار التي تواعدهم بها. لأن الناجز أشد صرفًا ومنعًا من المتواعد به في الآجل. فهو أعلم منكم بما ذكرتم. فلو كان يريد ويقصد أن لا يكون الخوف إلا من وعيده، لحسم مادة ما نخاف منه في العاجل من الحدود والمثلات.