من خلاف أو ينفوا من الأرض ذلك لهم خزي في الدنيا}، وهو الخزي العاجل؛ {ولهم في الآخرة عذاب عظيم}. فجمع بين الجزئين: عاجلًا صارفًا، وآجلًا مخيفًا مفزعًا. وجاء إلى المقابلات منا في جهادنا لهم: {ولا تقاتلوهم عند المسجد الحرام حتى يقاتلوكم فيه فإن قاتلوكم فاقتلوهم كذلك جزاء الكافرين}، {وإن نكثوا أيمانهم من بعد عهدهم وطعنوا في دينكم فقاتلوا أئمة الكفر أنهم لا أيمان لهم}، {قاتلوهم يعذبهم الله بأيديكم}. وجاء إلى الملاينة بعد الخشونة، فقال: {والمؤلفة قلوبهم}. فجعل لهم قسمًا من أموال الزكوات، وضع بالحكمة في ذلك، وهو تآلف قلوبهم، إما للدخول في الإسلام في حق من لم يكن دخل، أو لمن دخل في الإسلام مع كونه مترددًا؛ كما قال سح: {ومنهم من يلمزك في الصدقات فإن أعطوا منها رضوا وإن لم يعطوا منها إذا هم يسخطون}. فالله سح دارهم، والآن لهم جانب التكليف بعاجل هو الأحب إليهم والأقرب، وبالآجل. فمن قصر ذلك وخصصه بالدار الآخرة، فقد جهل مواقع الناجز من المقابلات- والله أعلم. وجميع ما يوردونه من جزاء الآخرة، فنحن قائلون به. وما ذكرناه يوجب عليهم القول بما دلت عليه دلائنا النطقية السمعية والعقلية والوضعية الاعتقادية.

قال الحنبلي: وله أن يقول ما اعترض لي من أنه متى كان من أمور الدنيا جزاء أوجب الإخلاد إليه، فقدح في الإخلاص وأفسد الطاعات. وقد أشار النبي صلع إلى ذلك حيث قال: من كانت هجرته إلى دنيا يصيبها، أو امرأة يتزوجها، فهجرته إلى ما هاجر إليه. وهذا يمنع [أن] يشينوا القصد لإعلاء كلمة الله بشيء من أمور الدنيا، لئلا يقدح في إخلاصهم

طور بواسطة نورين ميديا © 2015