فلما عجل وأجل، دل على أنه لا يقدح في الإخلاص؛ لا سيما وقد بين أن الكل منه: العاجل والآجل. ومن خاف من عقاب الله العاجا، كمن خاف من عقابه الأجل. ومن رجا ثوابه العاجل بنعمه، كمن رجا ثوابه الآجل. فلا ساسه في خوف المكلف، ولا رجاء به. وإنما الثوب وزوال الإخلاص أن يكون العمل لأجل غيره والترك لأجل غيره؛ كمن يخاف من الآدميين، فيصلي ويصوم، أو يرجو إكرامهم وأنعامهم، فيصلي ويصوم ليمدحوه، أو ليكرموه، أو ليبروه. فهذا وأمثاله هو الرياء والسمعة لوقوع الأعمال والتروك لغيره.
فأما عذابه ونعمه، دنيا كان أو آخرة، فوقوع الأعمال به وله، لا تكون إلا خالصة له؛ إلا أن يسلك سالك قول المتوهمين القائلين: ((ما عبدناك شوقًا إلى جنتك، ولا خوفًا من نارك؛ لكن شوقًا إليك، ومحبة لذاتك)) فذاك قول من لا يعلم أن الله سح لا يحب إلا ما منه، ولا يعرف إلا بما صدر عنه. أو يكون ذلك من أقوام صفت معارفهم لله، فرأوه أهلًا أن يطاع ويعبد، لما يحصل لهم من عظمته في نفوسهم. فيرونه أهلًا أن يطاع، وأهلًا أن يستسلم لأحكامه. فذلك أمر لا يبلغ إليه إلا آحاد من هذا العالم المظلم.- والله أعلم.
674 - سأل سائل عن قوله تع: {عالم الغيب فلا يظهر على غيبة أحدًا} {إلا من ارتضى من رسول فإنه يسلك من بين يديه ومن خلفه رصدًا} ذكر المفضل قال: المراد به أن ملائكة كانت تنزل مع جبريل