إلى طلوع الفجر، وإن كان وجودها حقيقة إنما حصل في أول الليل عقيب غروب الشمس. وإذا جاز أن يبقى حكمًا، جاز أن ينعطف حكمًا، بخلاف سائر العبادات، لا يتقدم ويبقى حكمًا، فلا يتأخر وينعطف حكمًا.
أجابه المستدل، فقال: أما المطالبة، فإن الدلالة على ما ذكرت نطقًا ومعنى. أما النطق، فقوله صلع: لا صيام لمن لم يثبت الصيام من الليل. ولأنها عبادة، فلا تتأخر نيتها عن ابتدائها، كسائر العبادات. وأما قولك بموجب علني، فلا يصح. لأن النية الحقيقة ما وجدت إلا نهارًا. وأما القول بأن وجودها حكمًا ليلًا، فإن حكمها تابع، والتابع لا يتقدم المتبوع. وأما النفل، فلي وجهان [فيه] احدهما أن النية نهارًا لا يحصل بها إلا ما بعد النية مما بقى من اليوم. لكن بشرط ألا يكون قد تقدم الأكل في أول اليوم، لا أن ما مضي يكون مشمولًا بالنية. ومثل ذلك غير ممتنع. كمن كان عليه شاة، فدخل مع قوم ذبحوا بدنة، كان سبع الدم كذبح شاة. لأنه تمم بفعل الشركاء، لا أنه دم له. بل السبع قائم مقام شاة بشرط أن ينبني على مشاركة السنة الذين ذبحوا البدنة، سواء كانوا مفرضين أو متطوعين.
وأما اعتلالك بأن صوم رمضان صوم عين، بخلاف النذور والكفارات، فأي شيء يؤثر كونه متعينًا فيما نحن فيه من حصول النية في أثنائه؟ فليس يتلوح منه إلا أن الماضي عينًا، وكونه يستحق العين