لم يسقط أصل النية، فلا يسقط وصفها، وهو محلها. وما المانع من أن تقع النية في قضائه نهارًا، وتنعطف على ليله حكمًا؟ ليس في ذكر التعيين ههنا أصلًا تأثير ولا إخالة. وأما النفل، فإن أصل النوافل على السهولة، ووضع الاستقصاء في الشروط والأركان. بدليل صلاة النفل يسقط فيها القيام، وهو ركن، والتوجه إلى القبلة مع صلاة النفل على الراحلة. وهذا المعنى. وذلك أن المساهلة فيها يؤدي إلى حصولها والإكثار منها، ولو ضيق أمرها، لتركت.
وأما قولك إنها في الدوام تبقى حكمًا مع طول الليل، وتخلل ما بين النية والفجر مما ينافي الصوم، فإنما كان كذلك لأن النون غالب، وتوخي طلوع الفجر صعب، وأمره خفي على أكثر الناس. فلو لم يجوز التقديم للنية، لفاتت ولشق تحصيلها، بخلاف ما نحن فيه من رجوعها إلى الماضي. على أن طول الليل واتساع زمان النية يغني عن توسعة أخرى.
653 - وأما الثانية فاستدل فيها حنبلي بأنهم قهروا على أموالهم القهر التام، فجازت قسمتها، كما لو جاوزها إلى دار الإسلام.
قال السائل: لا أسلم أن القهر تام. فإن المال، إن حصل في أيدي المسلمين مشاهدة فإن الدار لأهل الحرب حكمًا. ولهذا لا تنفذ أحكام المسلمين فيها. فأين تمام القهر مع هذا التردد؟