الطباع الدراكة القابلة للتأثير. فما ظنك بالعضو إلى العضو اللذين هما أقرب فيما بين الشخصين بكونهما منظومين من عصب واحد؟
اعترضعليه معترض حنبلي أيضًا، فقال: هذا بعينه كلام من يثبت العدوى والتولد. والفقهاء من ذلك أبرياء لقول النبي صلع: لا عدوى ولا طيرة. لأن القول بذلك يؤدي إلى أن الطباع مؤثرة، وأنها في الإحداث مشاركة. والتوحيد يمنع القول بصدر فعل أو حدث عرض عن الخالق سح. وإنما الله سح يحدث الري عن شرب الماء، والموت عن تناول السم. ولا تأثير لشيء في إحداث شيء. كما لم تحدث الجواهر إلا عن الخالق سح، كذلك الأعراض. وفارق ما ذكرته من حدوث الموت بسراية الجرح. فإن ذاك، لما جرت به العادة، نسبت سرايته إلى السبب. ولهذا لو قطع أنملة من رجله، فانتفخ عقيب ذلك رأسه ومات، أوجبنا القول على قاطع الأنملة مع تباعد ما بين أنملة الرجل والرأس. وبمثله في مسألتنا. لو قطع أصبعًا من أصابع رجله، فتآكلت أذنه وسقطت، لم يعد قاطعًا للأذن لتباعد ما بينهما. فعددنا ذلك في النفس سراية، وجعلناه قتلًا؛ ولم نعده في الأطراف قطعًا.
ثم قولك يفسد الهواء فيورث النعاس من وجود المتثاوب والمتمطي من المجاور من الأشخاص، هذا كله لا يقول به الفقهاء. وإنما هذا مذهب الطبائعيين، قولهم بالعدوى والتولد، وما على مذاهب الفقهاء شيء.