{أركض برجلك هذا مغتسل بارد وشراب}. الركضة لا تناسب نبع الماء؛ وإنما يناسب ذلك خرق الأرض بالمعاول. {وأدخل يدك في جيبك تخرج بيضاء}؛ لا بإدخال اليد في الجيب؛ إذ لا مناسبة. وهذا معنى قولنا ((هذا خرق للعادة، )) وهو عدم المناسبة. نفخ نافخ على أناء زجاج فتصدع، لا ضمان؛ ضرب الإناء بحجر فانكسر، عليه الضمان. زعق بطفل زعقة منكة فسقط من شاهق، ضمن، إما قصاصًا أو دية، على خلاف الناس. زعق ببناءٍ جلد فسقط، لا ضمان؛ لحن صوته الشجي بخدر أو بباحة بين نسوة، قال له الصادق الحاذق، ((رفقًا بهؤلاء القوارير، )) لما كن سريعات الانكسار. فالمناسبة لا بد من اعتبارها في الفعل والمحل لنعلم، أو يغلب على أن الانفعال صدر عن الفعل.
فإذا ثبتت هذه القاعدة، جئنا إلى قطع الأصبع المجاورة لأصبع أخرى مع اتصال العصب الناظم لهما. فإن للمجاورة من الأثر والمناسبة ما ليس للمباعدة. وهذا نجده في الأشخاص مع الأشخاص. فإن متثاوبًا في داره لا يناسبه حدوث نعاس ناعس في دار أخرى، لمكان التباعد. فأما شخص مقارب، يجمعهما مجلس واحد، إذا تمطى وتثاوب أحدهما دون الآخر في مجاورة نعاس، لم يكن؛ وذلك لمكان تأثير الهواء المحيط بهما. فيصير الهواء الجامع بين الشخصين مناسبًا بين الجاذب في أحدهما. وكذلك الطرب والحرب الحادث عقيب الأصوات الشجية في