غضًا كما أنزل، فليسمعه من ابن أم عبد. قال لهم: سمعت ((فامضوا إلى ذكر الله، )) وكذا أقرأني رسول الله. لم يقطعهم تعظيمه عن محاجته ومخالفته. واجتمع رأيهم على الدليل. وهو حسم مادة التغيير والتبديل. وخرقوا مصحفه نظرًا إلى الحجة، وهي إجماعهم ودليلهم. ولو عاشوا إلى ما تجدد من الاختلاف، لما عدلوا عن الفرع إلى الحجة، دون تقليد البعض للبعض، ولا الأدنى للأعلى. هذا حكم السلف الأول الذين نفتخر بهم، أحمد، والشافعي، ومن سبقهم من فقهاء التابعين.
جئنا إلى أحمد - رضي الله عنه وأرضاه- وهو ((إمام السنة، لم يسلك في اعتقاده تعظيم الرجال، ولا تقليد الأكابر، ولم ينظر سوى الدليل. فيجب أن لا نخالفه، كما لم يخالف من قبله. وأنتم تدعونا إلى وفاقه تقليدًا له، ونظرًا إلى أنه الأقدم والأكبر. وهذا دعاء منكم لنا إلى ترك مذهبه وأنتم لا تعلمون. وذلك أنه خالف أبي بكر الصديق في مسألة الجد، فلم يجعله كالأب، ووافق زيدًا في ذلك. فلو كان قد نظر إلى رتبة التقدم والسبق، لكان اتباعه للصديق أولى من زيد. فلما لم يفعل ذلك اتباعًا للدليل دون التفضيل للأشخاص، وجب الآن النظر إلى الأدلة في عصرنا دون تعظيم المشايخ، اقتداًا بالسلف الصالح من آدم إلى الآن، على ما قدمنا من البرهان. ولو لزمنا هذا، للزم من قبلنا. فإذا قيل: أنت، أيها الحدث. تخالف مشايخك في توجيه هذا بعينه على ما ذكرنا من