باهلته. ((والذي أحصى رمل عالج عددًا، ما جعل الله في الفريضة نصفًا ونصفًا وثلثًا. ذهب المال بنصفيه، فأين موضع الثلث؟ )) فلا أنكر أحد عليه نفس الخلاف، ولا دعاه إلى تقليد الكبائر، ولا هجر، ولا بدع. واختلفوا على لفظة الحرام، على ستة أو سبعة مذاهب، وما أنكر أحد نفس الخلاف. وإنما فزعوا إلى الدلة. ولا أحد منهم نظر في مسائل الاجتهاد إلى السابقة، ولا الشجاعة، ولا البلاء في الاجتهاد، ولا الإيفاء في نصرة الإسلام، بخلاف نظرهم إلى ذلك في الخلافة. فأما مسائل الاجتهاد، فانقطعت ألسنة التفضيل، والتفتوا إلى نفس الدليل. هذه نبذة مثال في الفروع.
جئنا إلى ما جرى في عصرهم من الأصول. خاضوا ولم يسأل عن المثبت والنافي؛ بل ساق الكل إلى الدليل. وهو أن الكلام فيها أهلك من كان قبلهم. اختلفوا بعده - صلى الله عليه وسلم- في رؤيته لله - تعالى- ليلة الإسراء. فقالت عائشة - رضي الله عنها-: لقد وقف شعري مما قال ابن عباس؛ يقول إن محمدًا رأى ربه ليلة الإسراء؛ والله - تعالى- يقول: {لا تدركه الأبصار}. وابن عباس يقول إنه رأى ربه بعيني رأسه مرتين. ويتلو كما تليت {ولقد رآه نزلة أخرى} {عند سدرة المنتهى}. واختلفوا في آيات من كتاب الله، رواها ابن مسعود على صيغة، وخالفوه فيها. ولم يوجب ذلك أن يقال: هذا الذي شهد له النبي - صلى الله عليه وسلم- في القراءة خاصة، فقال: من أحب أن يسمع القرآن