كل أدنى خالف أعلى، فيقال لأحمد: أنت تخالف الصديق في توريث الإخوة مع الجد؛ وأبو بكر جعله في إسقاطهم كالأب، ويتبع زيد. وترتفع المعتبة إلى زيد، فيقال له: أنت، ولا لك رتبة أبي بكر، تخالف من هو المقدم بسبقه في الإسلام، والهجرة، والتفقه، والخلافة؟ فيبطل أصل عظيم بهذا النوع من التعظيم، وهو إجماع الصحابة. وما اجتمعت الصحابة على اطراحه لا يجوز التمسك به؛ وهو اطراحهم للأشخاص في باب الأحكام، واتباع الأدلة خاصة.
فأما الدلالة على إبطال ما أنتم عليه، يا معشر العوام، فهو دخولكم في البحث عن الله، والخوض في كل شئ أضافه الله إلى نفسه، وقولكم إنه صفة، حسبما تسمعون ممن لا يفرق بين الصفة والفعل والحال. وما حسن أن يمر على سنن لأنه حجة الإجماع. وإنما تجعد عنه من خوف مخالفة الإجماع بأخذه به فيما أقدم عليه مما خالف به نص القرآن وأدلة العقول التي بها ثبت الخالق - جلت عظمته - وبها ثبت صدق الرسول. فمن ذلك قوله - تعالى-: {إني خالق بشرًا من طين}؛ {فإذا سويته ونفخت فيه من روحي فقعوا له ساجدين}. فتضمنت هذه الآية إثبات نفخٍ أضافه إلى نفسه، وروح أضافها إلى ذاته وأيد ذلك أيضًا بقوله في حق مريم: (({والتي أحصنت فرجها فنفخنا فيها من روحنا}. فأثبت له نفخًا وروحًا نفخت في فرجٍ صين عن الزنا. وأضاف النفخ إلى عيسى في