{أهذا الذي بعث}؟ {أنؤمن لك وأتبعك الأرذلون}؟ وقال فرعون: {أم أنا خير من هذا الذي هو مهين ولا يكاد يبين}، اعتمادًا على دناءة اللبسة وقصور الحال بقوله: {فلولا أقي عليه أسورة من ذهب}. وقالوا في حق نبينا - صلى الله عليه وسلم-: {لولا أنزل عليه كنز}. وتارة يقولون: {يريد أن يصدكم عما كان يعبد آباؤكم}. هذا كله عمي عن الحجة والبرهان، ونظر إلى الأشخاص. فهذا محنة التقليد.

جئنا إلى ما نحن فيه. وجدنا السلف الصالح كلهم، الذين هم أرجح ممن ينتمي إليه أرباب المذاهب اليوم، الذين قال النبي - صلى الله عليه وسلم-[عنهم] ((أصحابي كالنجوم؛ بأيهم اقتديتم اهتديتم؛ اقتدوا باللذين من بعدي أبو بكر وعمر)) - وجدناهم على أصل وفرع. فالأصل أنهم لم يسلكوا مسلك تقليد بعضهم لبعض. ولا أنكروا بأجمعهم مخالفة الأدنى للأعلى في مسائل الفقه والفرائض. فأبو بكر الصديق، الذي أجمعوا عليه، أقدم على خلافة من لم يبلغ رتبته، لأنه لم يذكر في العشرة، ولا ذكر في الخلافة يوم السقيفة، ولا ذكر في الشورى مع الستة. زيد بن ثابت ورث الإخوة مع الجد، وقد قضى أبو بكر بإسقاطهم بالجد، وجعله كالأب. فلم يجبر في ذلك من جهة الصديق، ولا أخذ في حق زيد تهجين ولا عتب. وكذلك مسألة العول؛ خالف فيها ابن عباس وهو بالخدمة وتأخير الرتبة عن اكابر الصحابة في العول. وبالغ، حتى قال: ((من شاء باهلني

طور بواسطة نورين ميديا © 2015