من أهل السنة يقولون: ولا كلمه بذاته، لكن صدر الكلام له على حد كلامه لموسى. فإن الله - سبحانه وتعالى- نفى تكليمه للكفار، وهم دون إبليس، فقال: {لا يكلمهم الله}. ثم عم، فقال: {وما كان لبشرٍ أن يكلمه الله إلا وحيًا أو من وراء حجابٍ أو يرسل رسولًا فيوحي}؛ {وكذلك أوحينا إليك}. فإذا أخبر بصيانة كلامه عن المكالمة به لخواص خلقه من بني آدم الذين شرفهم عليه، يكون متكلمًا لهم كفاحًا. فإذا ثبت هذا، علم أنه إنما سبق له العلم بأنه - سبحانه- هو الآمر له وللملائكة بالسجود استدلالًا ونظرًا سبق سماعه له بالسجود. فلذلك لم يتعرض لجحد ما سبق العلم به فيقول: حتى يثبت عندي أن الآمر لي الخالق الذي ابتدعني، فأجيب إلى ما أمرني. والذي يشهد لسبق ذلك قوله وهو في مقام الجدال: {فبعزتك لأغوينهم أجمعين}. وهذا قسم عارفٍ بأن الآمر له هو صاحب الأمر الموصوف ((بالعزة المستحق المقسم به.
الشاهد الثاني لمعرفته أنه خطف منه الأنظار. فلو لم يسبق له العلم بأنه الحكيم، لما سأل البقاء. لأن الإبقاء إلى من كان منه أصل الإيجاد. والإبقاء فرع على الإيجاد. فلما ثبت ذلك في حق إبليس، وجب عليه الائتمار للحق - سبحانه-. ترك هذا جميعه، وأخلد إلى تعظيم نفسه بمادة خلقه، فقال: {خلقتني من نار}. وهذا أيضًا مما قدمناه من؟ ؟ معرفته في عقده أن الخطاب بالأمر من جهة من ثبت له الخلق. وهذه الرذيلة التي دخلت على المتبعين له من أهل التقليد، حيث قالوا للأنبياء: