وهذا بخلاف الوطء. لأنه إنما يوجب المحرمية لما كان بمنزلة الماء؛ لأنه سبب الولاد الموجب للبعضية؛ ويكون سببًا في محل الحرث، وبالممات لا يكون محلا للحرث. ألا ترى أن المحل مما يستباح بالعقد. ولأنه لا يتصور على الميتة، فصار وطوها كاللواطة. ولأن الوطء إنما يكون سببًا للماء عادة في محل الشهوة. والإيلاج بلا شهوة لا يكون سببًا للماء قط. وبالماء يخرج عن حال الاشتهاء؛ بل تصير الطباع تنفر عن مقاربة الميت استيحاشًا منه قبل الوطء. وإنما إن ندر ذلك من بعض الأحياء، كان لغلبة الشهوة وفرط السبق؛ كما يكون بالاحتلام عن فكرة وبالنظر. ولا يكون هذا إيلاج وطء على المتعارف منه؛ ويكون كوطء صغيرة لا يشتهى مثلها. وذلك لا يوجب الحرمة عند أبي حنيفة ومحمد؛ بل أبعد. لأنها تنكح، وهذه لا تنكح. بل هو أشبه بالولد يخرج من بطنها بعد الموت، فإن الحرمات تتعلق بهذا الولد، كما لو ولدت في حال الحياة. لأن الولد لم يتغير عن حاله بموتها.
وأم قوله اللبن فرعها، وهي لا توصف بالحل والحرمة، لا يحل للرجال غسلها، ولا النظر إلى عورتها، ويحل للنساء؛ فكذلك المحارم؛ هم يدفنونها، وكذلك هم يتهمونها بلا حرمة بين الأجانب؛ إلا أنها لا يعقد [عليها] العقد، لخروجها عن محل الوطء. فإنما خرجت عن محل الوطء لأنها ليست تحرث كالرجل؛ ولأن اللبن لا يتولد بعد الموت، وإنما يتولد حال الحياة، كالبيضة. والولد يتولد في الضرع وعاء له؛ واتصف بصفة