417 - مسألة
إذا حلب لبن ميتة فشربه صبي، أو ارتضع، كذلك ثبتت الحرمة. وقال الشافعي: لا تثبت. وهذه تنبني على أصل قد مر في الزنا بنشر تحريم المصاهرة. وقد يتكلم فيها ابتداءً بأنها بالموت لا تتصف بالحل والحرمة. فكذلك اللبن المتولد منها. وصار لبنها بمنزلة لبن البهيمة. ألا ترى أنها لو وطئت، لم تثبت له الحرمة، كوطء البهيمة؛ كذا رضاعها. إلا أنا نقول إن اللبن كما كان قبل الموت صورة ومعنى، ثم الحرمة كانت تتعلق به قبل الموت، فكذلك بعده لعدم التغير بالموت في حقه. أما الصورة، فذلك محسوس؛ وأما المعنى، فالغذاء على ما ذكرنا أن الشرع حرم؛ لأنه غذاء الصغير، ويقع به النشؤ.
ومعنى الغذاء باقٍ بعد موت الأصل لدليلين. أحدهما أن اللبن لا يموت بموت الأصل؛ كالشعر، والعظم، وجميع ما يبان من الحي، فلا يحس ولا يتألم به الحي، على ما قررناه في موضعه. وعن عمر رضه: اللبن لا يموت. فإن حلة الموت، فما فيه إلا النجاسة. فأما سقوط معنى الغذاء، فلا. فإن لحم الميت يغذي؛ ولهذا حل عند الضرورة. ولأنه لا فرق بين جرح الصيد وبين جرح الشاة، والصيد يحل بالجرح للغذاء، فدل على أن الجرح في الشاة لا يمنع الغذاء. وكذلك السمكة ميتة وتؤكل للغذاء. وإذا ثبت أن الموت لا يحدث إلا النجاسة، ولا يمنع الغذاء، صار بمثابة ما لو حلب حال الحياة في قارورة نجسة.