فكيف أداوي هذا الداء العضال في إزالة السخط عن مانعي مع الغناء والكمال؟
قال حنبلي: قد دخل عليك السهو عن قسم هو الدواء لمثل هذا الداء. فظننت أنه لا يقوم العذر إلا بالعجز من جهة المانع، ونسيت أن أجد ما يقوم به العذر الحكمة البالغة التي هي عائدة بالمنع لمكان إصلاح الممنوع. ألا تراه لو أفصح بالقول بذلك، فقال ((ما منعتك عن إعواز مني، لكن لمصلحة لك، )) فإن فات القصور في المانع لم يفت القصور في الممنوع. كالأب الغني يمنع ولده الحلواء والزهومات تطيبًا، فلا يلام. والأب الفقير يمنع فلا يلام. فيجتمعان في عدم اللوم، ويختلفان في العلة التي لأجلها قام العذر. فمن هذه الغلطات يدهى الناس. والخليع العامي، لسرعة جرأته على الله وقلة مبالاته، يتسخط لمكان أنه لم يلحظ إلا الغناء والمنع، والقدرة والمنع. فجعل أوصاف الله سح عللًا لتسخطه؛ ولم يتعرض للوصف الأعظم، وهو الحكمة، ليداوي سخطه أو يعدمه. وصفة المداواة أنه إذا سولت له النفس أنه ممنوع مع الغناء فما العذر، قال لها ((هو حكيم في منعه لي، فمن أين يجيء الاعتراض مني واللوم؟ ))
هذا هو قانون العقلاء المتمسكين بالأديان، إذا صح منهم العرفان. فهو بوصف الغناء أهل أن يبطل منه كل شيء، وهو بوصف الحكمة أهل أن يسلم له كل شيء.