يجوز أن يكون الحق كبيرًا فيقول في نفسه: إن أطعت الحق وسهل، أخرجته وأتيت به؛ وإلا تركته. والتعريض بالمخاطرة في الدين ليس بأصلح ولا حسن. ولأنه لو صح ما ذكرت، لحسن تأخيره عن وقت الحاجة. فلما لم يحسن، بطل به جميع ما عولت عليه. ولأن التخصيص والتفسير كالاستثناء. ثم الاستثناء لا يجوز تأخيره عن المستثنى منه؛ كذلك البيان مع المتبين.
أجاب الحنبلي عن الاعتراضات، فقال: أما قولك إن الاعتقاد والعزم وتوطين النفس ليس من خصائص الأمر، ليس كذاك. لأن اعتقاد الحق المأمور به الخاص لم يستفد إلا بهذا الأمر. وذاك الأول الذي أوجبه التصديق فإنه اعتقاد معلق؛ إن ورد أمر بشيء، اعتقد به. وورود الأمر بعد ذلك أوجب اعتقاد ما ورد به. فليس هذا الاعتقاد ذاك الاعتقاد، بل هو اعتقاد يخص الأمر.
وينتزل الاعتقاد ثلاث منازل. الأول: وهو الذي ألزمتني اعتقاده بالإيمان، أنه متى أمر بشيء التزمه وامتثله. والثاني: لما ورد الأمر بحق فحمل أنه اعتقد وجوب حق والتزمه، وأنه أي شيء كان مما يثقل أو يخف امتثله. الثالث: بعد البيان، أنه اعتقد والتزم عين الحق الذي فسره الشرع وبينه. فقد بان بهذا أن الأمر أفاد فائدة مجددة.
وأما قولك إنه يورث المكلف جهلًا، والتعريض بالجهل قبيح لأن الجهل قبيح، فهذا لا يصح لوجوه. أحدها أن الجهل قبيح؛ وهو