أن يقصد إلى من حصل له العلم بشيء فيجهله. وأما في مسألتنا فإنه فتح له باب العلم بأن ذمته قد اشتغلت بحق في ماله، وأنه قد أوجب عليه وكلف ما لم يك قد كلفه. فهذا نوع إعلام وإفادة لما لم يكن عنده، ولا أحاط به علمًا، وإنما لم يستقص في ((جميع الذمة.
قال حنفي: إن قبض العارية كان بإذن، والاستعمال بإذن. ثم إن الاستعمال إذا تلفت به العارية جزءًا بعد جزء، لم يوجب ضمانًا. فالتلف مع دوام الحفظ؛ والكون الذي في يده يكون لأجل الاستعمال. فإذا كان الاستعمال لا يوجب ضمانًا لكونه استعمالًا بإذن، فكذلك القبض إذا كان قبضًا بإذن. فلا وجه للضمان.
قال حنبلي: إن الاستعمال إذا تلف به الأجزاء كان إتلافًا حصل بالمقصود من العارية. وذلك مقصود المعير والمستعير. فأما الكون في يده والقبض للاستعمال، فهو قبل الاستعمال قابض لمنفعة نفسه منفردًا بها. ومروره إلى الاستعمال قبل الاستعمال كإخراجه من يده بالرد بعد الاستعمال. ومعلوم أن المالك، حيث أعاره، إما أن يكون حمله متبرعًا بالنقل إلى المستعير، أو أخذه المستعير من يد المعير بإذن المعير. فحيث حصل في يده وانتقل بإذنه، لم يك ذلك مؤذنًا بقطع المسافة في رده من ضمان المعير،