استدل فيها حنبلي فقال: الأمر بالمجمل والعموم مفيد قبل البيان فائدة مستقلة. وهي ما يحصل للمكلف من تلقي أمر الله سح بالتصديق والاعتقاد والالتزام وتوطين النفس على أداء الحق قل أو كثر. حتى إنه يعتقد أنه لو كان الحق إخراج تسعة أعشار المال، لأخرج؛ ولو كان الأمر بالذبح بذبح ولده، لذبح. فإذا وطن نفسه على ذلك، حصل له ثواب توطين النفس بعد الاعتقاد. فكان سبق هذا الاعتقاد وهذا العزم على الأشد يوفي على ثواب ما يحصل به البيان، ولعله يسير وقليل. فإذا جاء البيان بعد ذلك بالمراد، حصل ثواب الامتثال. وإذا لم يخل من مثل هذه الفائدة، جاز واستقل به عن أن يتبع بالبيان.
اعترض عليه معترض فقال: إن ما ذكرت من الاعتقاد والعزم وتوطين النفس على الامتثال ليس من خصائص الأمر؛ لكنه من موجبات الإيمان الذي هو أصل. بدليل أنه متى آمن فلابد أن يكون معتقدًا أنه مهما أمر به امتثله واعتقده وعزم عليه. وإنما الذي يختص الأمر، فإنما هو الفعل المأمور به المستدعى من المكلف. فأما الاعتقاد والعزم، فذلك ((سابق للأمر؛ فلا يكون من موجباته وخصائصه. الثاني أنه يورث المكلف جهلًا، والجهل قبيح؛ فلا يعرض الحكم بالقبيح. وهو خطر أيضًا. فإنه قد