قال فيها شافعي: إن السلعة التي يقصرها في يده أمانة، وعمله مأخوذ عليه بحسب طاقته وبحسب عرف الناس. فما لم يحكم أهل الصناعة أنه مفرط، فلا وجه لإيجاب الضمان.
قال له حنفي: ليس الضمان هنا من باب التفريط حتى تقول هو أمانة. وما تعدى؛ بل يجب أن يعول على أنه قد أوفى ما ضمن ((العمل. ومعلوم أنه لم يوف ما ضمن من العمل، لأن الضمان كان لعمل سليم من خرق؛ وما سلم ذلك. وليس يخلو أن يكون الضمان لعمل هو الدق المعتاد، أو لثقل الثوب وبياضه بالدق المعتاد. ولا هذا حصل في مواضع التخريق، بل زال أصل الثوب ولم تحصل فيه الصفة التي هي بياضه وصقالته. فأين ما ضمنه من العمل مع هذا الخلل؟ وما هو إلا بمثابة من باع صبرة نقية الظاهر دغلة الباطن، فيها من المدر والدغل ما يخالف. وكذلك إذا رأى في الثوب المبيع خروقًا لم يعلم بها البائع، فإن ذلك كله مضمون. ولا يقال إنه لما لم يتعد البائع لا يستحق المشتري الرجوع. كذلك في العمل مثله. لأنه في البيع ضمن سلامة المبيع من العيوب، وفي العمل ضمن سلامة العمل؛ وما سلم العمل. وكيف يسلم وقد ذهب المحل؟ وأشبه من المبيع مسألة المفضاة، وضرب المعلم الصبي. فإنه يضمن أرش الإفضاء، ويقدر فيه أن الزوج زاد في النكاية والاعتمادات. فهلا قدرت