ههنا أنه توالى الدق على محل واحد بغفلة أو سهوة، ويتوالى الدق بجماء الثوب فيحترق. لأن الاحتكاك يورث التهاب المتحاكين من الأخشاب والحديد والحجارة. فكيف مما يكون بينهما من الثوب الذي يصير بينهما، كحراق المقادح في سرعة الاحتراق.
قال الشافعي: ولعله لضعف محل من الثوب لم يحتمل الدق.
قيل له: وهل يجب العمل إلا بحسب المحل؟ فإذا أعطى المحل الذي لا يحتمل [الدق] دقًا لا يحتمله، كان جناية. وليس من شرط الضمان أن يكون معتمدًا ذلك. بل نفس إيقاع الفعل على وجه لا يسلم معه المحل من جناية يكفي في الضمان؛ كالرمي إلى الهدف، والوطء، وضرب الصبي في المكتب، لا يقال ((لعل ذلك لرخاوة المحل، وضعف جسم الصبي، )) لكن يجعل نفس الضرب مضمونًا فيه السلامة.
قال الشافعي: فيقابل هذا موت الدابة المستأجرة وسلخ ظهرها بالركوب، والأجير المنفرد ((إذا جنى في عمله.
قال الحنفي: أما المنفرد، فإن العقد على الزمان دون العمل. ولهذا لو مضى الزمان بلا عمل، استحق الأجرة. والدابة مستوفى منها، لا موفى فيها.
قالوا له أصحاب الشافعي: العقد على العمل والزمان مكنى له. وكيف يعقد الناس على مضي الزمان؟ ولهذا يقول ((استأجرتك يومًا للخياطة)) فيذكر اليوم ظرفًا، والخياطة هي المعقود عليها. والدابة معقود على منافعها، استوفى استيفاء معتادًا. فإذا انسلخ ظهرها، ولم يقدر فيه أنه اعتمد أو