فلا مطعن بها على المقصود الشرعي، كالتطيب واللباس وإظهار التجمل بين الناس لصلاة الجمعة والعيدين؛ وكذلك الأكل والشرب والبعال في أيام التشريق، والسحور وتأخيره، وتعجيل الإفطار، وأخذ الغنائم في الجهاد. وكان استعمال ذلك مساويًا للعبادات التي فيها الشقاء والتعب وتهجر فيها الراحة. وذلك لأن التعبد هو سلوك ما يندب العبد إليه من مشقة أو رفاهية. وكذلك الولايات، من الإمامة والقضاء والإمارة، لها من اللذة الطبيعية في طاعة الرعايا وامتثال الأوامر وسرعة الاستجابة والاستطالة؛ كل ذلك من لذات النفوس. ومع ذلك لما كان فيها من حفظ الحوزة وحماية البيضة وغير ذلك من المصالح، كان الحظر فيها ساقطًا. ولم تكن حرمة من ولي من الصحابة وفضله بأنقص من رتبة من اعتزل منهم؛ بل علي عم، مع تكشفه بقتاله في الفتنة، أفضل من ابن عمر، مع اعتزاله عنها. والنصرة لدين الله، والحرب لإعلاء كلمة الله، أفضل من الرهبانية التي لم تأت بها شريعتنا. وليلة من ليالي أبي بكر أيام الردة أفضل من كل ليلة لمتعبدي الصحابة ومنقطعيهم إلى الزوايا. وصارت لذات النفوس في ذلك ساقطة الحكم؛ ومجاهدتها لتحصيل الإخلاص لله فيه زيادة ثواب. وهو جهادهم للنفس.