وجدنا ما بان من الأطراف حال الحياة مع ما بقى من الجملة، كحجر بالإضافة إلى إنسان. فلا الإنسان يحس بألم إن ضرب الحجر أو أحرق، ولا بلذة إن قرب من الحجر ما يوجب لذة للحي. فالعضو البائن مع بقاء الجملة أقرب من الروح إلى الجسد مع خروجها من الجثة.
وقال آخر: ولم نحكم بهذا ولا نسلم إلى الله سح وتع القدرة على إيلامه، وإن بانت عنه الروح، ألما يخصه؟
قال: اعتقاد هذا جهل. والجهل يبعد عن الله. والتقرب إلى الله بالحكمة. وإن جاز أن اعتقد ذلك، فتحت على نفسي تجويز إحساس الأرض. وهل الميت إلا أرض؟ وهل الأرض إلا أجساد الأموات؟ فما لنا واعتقاد الجهالات والمحالات؟
قال له قائل: الحكم قد أيد صادقا بالإعجاز. فقال في القبرين إنهما يعذبان وما يعذبان بكبيرة. فتصديقي للصادق في خبره أولى بي من تصديقك في حدسك أو استدلالك.
قال: صدق الصادق. ولعله أراد الحقيقة، ولعله أراد المجاز. فالقول يدخله المجاز، والعقول لا يدخل عليها المحال. فلعله أراد أنهما يعذبان ((سيعذبان)) كقوله: {إنك ميت}؛ وقوله {إن الذين يأكلون أموال اليتامى ظلما إنما يأكلون في بطونهم نارا}. ومعلوم أن ما أكلوه أطايب الطعام دون النار، لكنه لما كان ماله إلى النار سماه نارا.
قال له المعترض: في الحديث ما ينفي هذا؛ لأنه أخذ جريدة فوضعها