في القبر، وقال: سألت الله أن يخفف عنهما العذاب حتى تيبس الجريدة. وروي: لعل الله أن يخفف عنهما إلى أن تيبس.
قال: إنما|| تكلمت مسامحة؛ وإلا فنحن في أصول وأدلتها أدلة العقول. فلا نترك الأدلة القاطعة لأخبار مظنونة.
ثم عادوا إلى المنافرة بالمعقولات. فقال الناصر للسنة: وإذا كان الباري يوصل الآلام إلى المزدوجات والمركبات فما المانع من إيصالها إلى الآحاد المفردات؟
قال له المستدل بالمعقولات: ما قولك هذا إلا كقول من قال ((إذا كان الزامر ينفخ في الزمر فيخرج ذلك الصوت الملهي المشهي، فلم لا يزمر الزمر بنفسه؟ )) ولا يتحدد صوت المزمار بنفخ الإنسان بنفسه من غير زمر. وإذا كان لكل حقيقة بنية مخصوصة، فلا يجوز تصور وجود مانع إخلال البنية. وهذا يشير إلى معنى. وذلك أنا كما نحرص على إثبات كونه سح قادرا، نحن أحرص على إثباته حكيما. ولو كانت الآلام واللذات والأصوات وغير ذلك تتصور من غير هذه الأبنية المخصوصة، ثم بناها الباري على هذه الصورة، لكان فعله للصورة عبثا؛ إذ كان المراد يستقل دونها. وليس العبث إلا ما لم يقتض وجوده حكمة.
قال له المجيب عن شبهة: قد يفعل الباري ما يستقل الفعل دونه،