فصل [في أنه لا مستفاد إلا بإنفاق حاصل ولا لذة إلا بنوع نغصة]

فصل [في العبرة بالديار الخالية والأجساد البالية]

288 - فصل

أستشعر أنك غير منفك من تحمل أثقال الخلق. في حال الشبيبة مكايدة الآداب للمشايخ؛ وفي حال كبرك تحمل أثقال الصبر على الأصاغر. وهل وجد الصدور حلاوة التصدر إلا بالصبر على مرارة التخلق بالحكمة؟ وهل خلو الحكمة إلا تجرع مرارة الأدب في الصغر، ومكابدة غصص الحلم عن السفهاء حال الكبر؟ وقال أن تحصل الرئاسة لمن لا يتحمل أثقال السياسة. وفي الجملة والتفصيل، لا مستفاد إلا باتفاق حاصل. وإنما يترجح الحاصل على الإنفاق بنوع من ربح فيسهل. وإلا فالعلوم المكتسبة إنما تتحصل بإنفاق الأعمال، كما أن الرئاسة تتحصل ببذل الدرهم والدينار. وما نالت النفس قط لذة إلا بنوع نغصه. ولو علم العقلاء ما في الزهد من الراحة، لكسدت سوق الدنيا عن راغب، وتعنست بهجتها عن خاطب. وما أخذ بالعزم ولا الحزم من خاطر بنفيس ما تحصل فيما عساه لا يتحصل. وإن كانت المخاطرة علو همة، فالبخل بالحاصل نوع من الحزم

289 - فصل

إن امرأ لو تتحصل له العبرة بين منازل الأسلاف والأحباب الدائرة، وبين رممهم في التراب عظاما ناخرة، لكشف الحجاب عن الدنيا والآخرة.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015