لو كان الحزن مكتسبا، لكان هذا من أكد أسباب الاكتساب. فكيف وهو طبع غريزي، وخلق طبعي، ولا ||يحركه مثل هذا المزعج المهول؟ نعم هذا ولا خلف به يتسلى، ولا عوض عنهم به يتعزى؛ بل ديار من الأهلين خالية، وأجساد في أعماق الأرضين بالية، وآثار تستحضر للنفوس وتشكل للقلوب شخوصهم مائلة. فواها على عمر مضى ليس له رجوع، وذنب ثابت ما عنه نزوع! أف لحسرة وعبرة لا تعقب يقظة وعبرة!
290 - استدل حنبلي في إيجاب المتعة في المفوضة المطلقة قبل الدخول بقوله تع: {لا جناح عليكم إن طلقتم النساء ما لم تمسوهن أو تفرضوا لهن فريضة ومتعوهن على الموسع قدره وعلى المقتر قدره متاعا بالمعروف حقا على المحسنين}.
فاعترض علية مالكي، لأن مالكا يقول ((المتعة مستحبة ومنحة، ولا تجب أصلا))، والشافي في أحد قوليه يوجبها مع المهر، والحنبلي يوجبها في حق المفوضة، فقال: قرينة الآية تدل على الاستحباب، لأنه قال {على المحسنين}، والإحسان ما كان تبرعا.
قال الحنبلي أولا: ليس الإحسان منافيا للإيجاب، فيكون من القرائن المانعة من الإيجاب. بل كل فعل واجب إحسان، وكل فاعل للواجب محسن. وقد يرد مثل ذلك ولا يدل على نفي الإيجاب، كما قال {وآتوا النساء صدقاتهن نحلة}؛ فسمى المهر باسم الهبة، ولم يدل