من استشعر في الحرب من قلة العدو، كميناً وراء الصف، وأعداداً ممدة للعدو في الحرب، فاته باستشعاره اختلاس الفرصة في النكاية في العدو مع القلة؛ فصار عليه كميناً من نفسه)).
وأما في الفقه، فمن أودع وديعة في صندوق فقفله بقفلين، فقال بعض أصحاب الشافعي: يضمنه بالسرق. لأنه لما أكد الإحراز، أوهم نفاسة المحرز وعظم قيمته. لأن اللص يعلم أنه لا يزاد الإحراز إلا على الأنفس. فيكون إغراءً له بالأخذ من القافل بزيادة قفل.
وأما في العادة والحس، فإن الحزام، إذا شد يده على بعض الحزمات الأخيرة، استرخت التي قبلها؛ لأن المحزوم يلطف. وقد قالت العامة: ((شدة الشد يرخي)). وهذا كلام سخيف اللفظ خطير المعنى، أتيت به أنا في صورة حسنة، وهي قولي: ((الإفراط في الاحتياط تضييع)). وذلك أن الوصية للمحارب بالتحرز من خصمه وبيان فضله في الحرب يوجب إيقاظاً له؛ لكنه إذا أكثر، أوجب جوراً في الطبع. فإن النفس، كما أنها قد تغلب بترك التحرز، قد تقدم مع الجهالة بحال الخصم، وتجبن عند