فِي جَوْفِهَا، وَمُسَيْلِمَةُ الْكَذَّابُ مَعَهُمْ، أَقْبَلَ الْمُسْلِمُونَ إِلَى الْحَدِيقَةِ فَقَالَ أَبُو دُجَانَةَ الأَنْصَارِيُّ: وَيْحَكُمْ يَا مَعْشَرَ الأَنْصَارِ، احْمِلُونِي حَمْلَةً وَأَلْقُونِي إِلَيْهِمْ. قَالَ:
فَحَمَلَ أَبُو دُجَانَةَ عَلَى تُرْسِ بَعْضِ الأَنْصَارِ ثُمَّ رَفَعَ بِالرِّمَاحِ حَتَّى أُلْقِيَ فِي جَوْفِ الْحَدِيقَةِ. قَالَ: فَوَقَعَ أَبُو دُجَانَةَ فِي الْحَدِيقَةِ، ثُمَّ وَثَبَ كَاللَّيْثِ الْمُغْضِبِ، وَهُوَ يَرْتَجِزُ ويقول:
(من مشطور الرجز)
1- أنا سماك (و) [1] أبو دُجَانَهْ ... 2- لَسْتُ بِذِي ذُلٍّ وَلا مَهَانَهْ
3- وَلا جَبَانِ الْقَلْبِ ذِي اسْتِكَانَهْ ... 4- لا خَيْرَ فِي قَوْمٍ بِدِينٍ خَانَهْ [2]
قَالَ: فَلَمْ يَزَلْ يُقَاتِلُ فِي جَوْفِ الْحَدِيقَةِ حَتَّى قُتِلَ، رَحْمَةُ اللَّهِ عَلَيْهِ.
قَالَ: وَصَاحَ رَجُلٌ مِنْ بَنِي حَنِيفَةَ بِأَصْحَابِهِ: وَيْلَكُمْ يَا مَعْشَرَ بَنِي حَنِيَفَةَ، اعْلَمُوا أَنَّ هذِهِ الْحَدِيقَةَ حَدِيقَةُ الْمَوْتِ، فَقَاتِلُوا أَبَدًا حَتَّى تَمُوتُوا كِرَامًا.
قَالَ: وَاقْتَحَمَ خَالُدَ بْن الُوَلِيدِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ عِنْدَ الْحَدِيقَةِ بِفَرَسِهِ، وَفِي يَدِهِ سَيْفُهُ لَوْ ضَرَبَ الْحَجَرَ قَطَعَهُ، فَجَعَلَ يَرْتَجِزُ وَيَقُولُ:
(مِنْ مَشْطُورِ الرَّجَزِ)
1- أَسْعَدَنَا قَوْمٌ عَلَى الْمَوْتِ فَنَوْا ... 2- لَمْ يَهْدِمُوا الدِّينَ وَلا الدُّنْيَا أَبَوْا
3- وَاللَّهُ يَجْزِي كُلَّ قَوْمٍ مَا نَوَوْا ... 4- فَطَالَمَا جَاعُوا وَطَالَمَا ظَمَوْا
5- فَالْيَوْمَ حقّا شبعوا ثم رووا