فارجع إلى سقايتك راشدًا، فرجع ورجعوا معه ولم يصلوا إلى الكاهنة وخلوا بينه وبينها. قال ابن إسحاق: فهذا الذي بلغني من حديث علي بن أبي طالب رضي الله عنه في زمزم.
قلت: رجال إسناده كلهم ثقات وقد صرح ابن إسحاق بالتحديث فزال ما يخشى من تدليسه. وقد رواه البيهقي في "دلائل النبوة" من طريق ابن إسحاق وإسناده حسن.
ومن الرؤيا الظاهرة رؤيا رقيقة بنت أبي صيفي بن هاشم في الجاهلية الأمر بالاستسقاء حين أصاب قريشًا القحط والمحل. وقد روى حديثها الطبراني في "الكبير" وفي الأحاديث الطوال، والبيهقي في "دلائل النبوة" وابن الأثير في "أسد الغابة" عن مخرمة بن نوفل رضي الله عنه عن أمه رقيقة بنت أبي صيفي بن هاشم وكانت لِدَةَ عبد المطلب قالت: تتابعت على قريش سنون جدبة أقحلت الجلد وأرقت العظم، قالت: فبينا أنا راقدة اللهم أو مهومة إذا أنا بهاتف صيت يصرخ بصوت صحل يقول: يا معشر قريش إن هذا النبي مبعوث منكم وهذا إبان مخرجه فحيَّ هلاً بالخير والخصب، ألا فانظروا منكم رجلاً طوالاً عظامًا أبيض بضًا أشم العرنين، له فخر يكظم عليه وسنة تهدي إليه، ألا فليخلص هو وولده وليدلف إليه من كل بطن رجل، ألا فليشنوا من الماء وليمسوا من الطيب وليستلموا الركن، وليطوفوا بالبيت سبعًا ثم ليرتقوا أبا قبيس فليستسق الرجل وليؤمن القوم، ألا وفيهم الطاهر والطيب لذاته، ألا فغثتم إذًا ما شئتم وعشتم. قالت: فأصبحت عَلِمَ الله مفئودة مذعورة قد قف جلدي ووله عقلي فاقتصصت رؤياي فنمت في شعاب مكة. فو الحرمة والحرم إن بقي بها أبطحي إلا قال هذا شيبة الحمد، هذا شيبة، وتتامت عنده قريش. وانفض إليه من كل بطن رجل فشنوا وطيبوا واستلموا وطافوا ثم ارتقوا أبا قبيس وطفق القوم يدفون حوله ما إن يدرك سعيهم مهله حتى قر لذروته فاستكنوا جنابيه ومعهم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وهو يومئذ غلام قد أيفع أو كَرَبَ. فقام عبد المطلب فقال: اللهم سادّ الخلّة وكاشف الكربة أنت عالم غير معلَم ومسئول غير مبخّل، وهذه عبداؤك وإماؤك بعذارت حرمك يشكون إليك سنتهم التي قد أقحلت الظلف والخف، فاسمعن اللهم وامطرن غيثًا مريعًا مغدقًا، فما راموا حتى انفجرت السماء بمائها وكظ الوادي بثجيجه.