من رأى شيئًا منها، وبعضها في الآداب التي تتعلق بتأويل الرؤيا، وبعضها في ذكر الرؤيا الظاهرة التي لا تحتاج إلى تأويل، وبعضها في تأويل الرؤيا التي تحتاج إلى التأويل، وسأذكر من ذلك ما تيسر إن شاء الله تعالى، وأذكر ما جاء عن بعض الصحابة والتابعين في تأويل الرؤيا وما جاء عمن بعدهم ممن اشتهر بتأويل الرؤيا.
والذي دعاني إلى الكتابة في هذا الموضوع هو ما رأيته من تهاون الأكثرين بشأن الرؤيا سواء كانت صالحة أو غير صالحة، وما رأيته أيضًا من جهلهم بالآداب التي تتعلق بالرؤيا وتأويلها وما ينبغي ذكره من الرؤيا وما لا ينبغي ذكره، وقد رأيت كثيرًا من الناس يسارعون إلى السؤال عما يرونه في المنام من الرؤيا المكروهة وذلك لعدم علمهم بأنه لا يجوز ذكرها ولا السّؤال عنها لأنها من تهويل الشيطان وتحزينه وربما حملهم حب الاطلاع على ذكرها لبعض المتخرصين الذين لا علم لهم بآداب الرؤيا وتأويلها فيعبَّرونها لهم من الوجه المكروه فيحصل لهم الغم والحزن من تعبيرهم. وربما وقع بهم المكروه من الرؤيا لما سيأتي في حديث أبي رزين العقيلي رضي الله عنه أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: «الرؤيا على رجل طائر ما لم تعبر فإذا عبرت وقعت». فليحذر العاقل من ذكر الرؤيا لكل أحد، وليحذر أيضًا أن يقص رؤياه على غير ذي رأي عالم بالتأويل. والأولى بالعاقل أن يكتم ما يراه في منامه من المكروه ولا يذكره لأحد من الناس ولو كان أقرب قريب إليه. وأما ما يراه من الحسن الذي يعجبه فإنه يذكره لمن يحبه كما سيأتي بيان ذلك في بعض الأحاديث الصحيحة. والله المسئول المرجو الإجابة أن يجعل عملي خالصًا لوجهه الكريم إنه خير مأمول وأكرم مسئول.
فصل
في تعظيم شأن الرؤيا الصالحة
وقد جاء في تعظيمها أحاديث كثيرة تزيد على الثلاثين:
الأول منها عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم -