قال: وقال هشام بن حسان: كان ابن سيرين يُسئل عن مائة رؤيا فلا يجيب فيها بشيء إلا أنه يقول: اتق الله وأحسن في اليقظة فإنه لا يضرك ما رأيت في النوم وكان يجيب في خلال ذلك ويقول إنما أجيب بالظن، والظن يخطئ ويصيب، قال: وقيل لابن سيرين: إنك تستقبل الرجل بما يكره، قال: إنه علم أكره كتمانه، انتهى المقصود مما ذكره ابن عبد البر.
وروى أبو نعيم في "الحلية" عن سلام بن مسكين قال: سمعت محمد بن سيرين يقول: إذا اتقى الله العبد في اليقظة لا يضره ما رئي له في النوم. وروى أيضًا عن وهب بن جرير قال: حدثني أبي قال: كان الرجل إذا سأل ابن سيرين عن الرؤيا قال: اتق الله في اليقظة لا يضرك ما رأيت في المنام.
وذكر القاضي أبو الحسين في "طبقات الحنابلة" عن ابن سيرين أنه قال: ما حدثك الميت بشيء في النوم فهو حق لأنه في دار حق.
وروى الخطيب في "تاريخه" عن هشام بن حسان قال: قال محمد بن سيرين: ما أتيت امرأة في نوم ولا يقظة إلا أم عبد الله – يعني زوجته – قال: وقال ابن سيرين: إني أرى المرأة في المنام فأعرف أنها لا تحل لي فأصرف بصري عنها. وذكر القاضي أبو بكر ابن العربي المالكي في شرح الترمذي عن ابن سيرين أنه قال: ما احتلمت في حرام قط، قال ابن العربي: فقال بعضهم: ليت عقل ابن سيرين في المنام يكون لي في اليقظة.
فصل
وقد رأيت لابن القيم رحمه الله تعالى كلامًا حسنًا في ذكر الأصول التي تدل على تعبير الرؤيا، ذكره في أثناء الجزء الأول من كتابه "إعلام الموقعين" وكثير منه مأخوذ مما ذكره البغوي في كتابه "شرح السنة" من كلام شيخه القاضي حسين بن محمد المرورذي شيخ الشافعية في تعبير الرؤيا، وسأذكر كلام ابن القيم رحمه الله تعالى لما فيه من الفوائد الكثيرة في بيان أصول التعبير. قال رحمه الله تعالى: قالوا: وقد ضرب الله سبحانه الأمثال وصرفها