وقال لغلامه: احبسه في الاصطبل وقيّده. فحبست وقيّدت وجاءني أهلي وبكوا علي ورثوا لي ولاموني. فقلت: قضي الذي كان ولا موت إلا بأجل. ولم تزل تمر بي الأيام والناس يتفقدوني ويرحموني مما أنا فيه حتى مضت سبعة وعشرون يومًا فلما كانت الليلة الثامنة والعشرون اتخذ الديلمي دعوة عظيمة أحضر فيها عامة وجوه قوّاد العسكر وجلس معهم للشرب فلما كان نصف الليل جاءني السايس فقال لي: يا دقاق، القائد أخذته حمى عظيمة وقد تدثر بجميع ما في الدار ووقع عليه الغلمان فوق الثياب وهو ينتفض في الثياب نفضًا عظيمًا، وكان على حالته اليوم الثامن والعشرين وأتت ليلة التاسع والعشرين ودخل السايس نصف الليل وقال: يا دقاق مات القائد وحلّ عني القيد فلما أصبحنا اجتمع الناس من كل وجه وجلس القوّاد للعزاء وأخرجت أنا، وكانت قصتي مشهورة واستعادوني فقصصت عليهم ورجع جماعة كثيرة عن مذابهم الرديئة.
ومن الرؤيا الظاهرة ما رواه ابن أبي الدنيا قال: حدثني أحمد بن جميل حدثنا عبد الله بن المبارك أخبرنا عبد الرحمن بن عبد الله بن دينار عن زيد بن أسلم قال: أغمي على المسور بن مخرمة رضي الله عنهما ثم أفاق فقال: أشهد أن لا إله إلا الله وأن محمدًا رسول الله أحب إلي من الدنيا وما فيها، عبد الرحمن بن عوف في الرفيق الأعلى مع الذين أنعم الله عليهم من النبيين والصديقين والشهداء والصالحين وحسن أولئك رفيقًا، وعبد الملك والحجاج يجران أمعاءهما في النار. وقد ذكر الحافظ ابن حجر هذه القصة في ترجمة الحجاج بن يوسف من "تهذيب التهذيب" ثم قال: هذا إسناد صحيح ولم يكن للحجاج حينئذ ذكر ولا كان عبد الملك ولي الخلافة بَعْدُ لأن المسور مات في اليوم الذي جاء فيه نعي يزيد بن معاوية من الشام وذلك في ربيع الأول سنة أربع وستين من الهجرة. انتهى.
ومن الرؤيا الظاهرة ما رآه عمر بن عبد العزيز حين أغمي عليه، وقد ذكر هذه القصة أبو نعيم في "الحلية" وابن الجوزي في سيرة عمر بن عبد العزيز وذكرها غيرهما من المؤرخين، وهي قصة طويلة وقد جاء فيها أن عمر بن عبد العزيز حين أُغمي عليه رأى أن القيامة قد قامت ورأى أنه أوقف بين يدي الله وأن الله