كتاب الرؤيا (صفحة 101)

إذ هو صاحبها والمبتلى بها، وكنت أسمع غيره من الناس يذكرونها لشهرتها إلا أني سمعته يقول: عبرت على جبنه، فقال لي: يا علي هو ذا تحج هذه السنة؟ قلت: لم تتفق لي حجة إلى الآن وأنا في طلبها، فقال لي جوابًا عن كلامي: أنا أعطيك حجة، فقلت له من غير أن يصح في نفسي كلامه: هاتها، فقال: يا غلام مُرَّ إلى عثمان الصيرفي وقل له يزن لك عشرين دينارًا فمررت مع غلامه فوزن لي عثمان عشرين دينارًا ورجعت إليه فقال لي: أصلح أمورك فإذا عزمت على الرحيل فأرني وجهك لأوصيك بوصية فانصرفت عنه وهيأت أموري فرجعت إليه فقال لي: أولاً قد وهبت لك هذه الحجة ولا حاجة لي فيها ولكن أحملك رسالة إلى محمد، فقلت: ما هي؟ قال: قل له أنا بريء من صاحبيك أبي بكر وعمر اللذين هما معك، ثم حلفني بالطلاق إنك لتقولنها وتبلغن هذه الرسالة إليه، فورد عليّ مورد عظيم وخرجت من عنده مهمومًا حزينًا وحججت ودخلت المدينة وزرت قبر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وصرت مترددًا في الرسالة أبلغها أم لا، وفكرت في أني إن لم أبلغها طلقت امرأتي وإن بلغت عظمت علي مما أواجه به رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فاستخرت الله تعالى في القول، وقلت: إن فلان بن فلان يقول كذا وكذا وأديت الرسالة بعينها واغتممت غمًا شديدًا وتنحيت ناحية فغلبتني عيناي فرأيت النبي - صلى الله عليه وسلم - فقال: «قد سمعت الرسالة التي أديتها فإذا رجعت إليه فقل إن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: أبشر يا عدو الله يوم التاسع والعشرين من قدومك بغداد بنار جهنم»، وقمت وخرجت ورجعت إلى بغداد فلما عبرت إلى الجانب الشرقي فكرت وقلت: إن هذا رجل سوء بلغت رسالته إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أبلغ رسالته إليه، وما هو إلا أن أخبره بها حتى يأمر بقتلي أو يقتلني بيده، وأخذت أُقَدّم وأؤخر، فقلت: لأقولنها ولو كان فيها قتلي ولا أكتم رسالته وأخالف أمره، فدخلت عليه قبل الدخول على أهلي فما هو إلا أن وقعت عينه علي فقال لي: يا دقاق ما عملت في الرسالة؟ قلت: أديتها إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ولكن قد حمّلني جوابها، قال: ما هي؟ فقصصت عليه رؤياي، فنظر إلي وقال: إن قتل مثلك علي هيّن -وسَبَّ وشتم، وكان بيده زوبين يهزه فهزه في وجهي- ولكن لأتركنك إلى اليوم الذي ذكرته ولأقتلنك بهذا الزوبين -وأشار إلى الزوبين- ولامني الحاضرون

طور بواسطة نورين ميديا © 2015