في ترجمته: ((كان محدث الشام في وقته، ومن أعيان الفقهاء الشافعية، غلب عليه الحديث فاشتهر به، وبالغ في طلبه إلى أن جمع منه مالا يتفق لغيره، ورحل وطوف وجاب البلاد، ولقى المشايخ، وكان رفيق الحافظ أبي سعد عبد الكريم ابن السمعاني في الرحلة - وقد بلغ تعداد شيوخ السمعاني الذين لقيهم في دار الإسلام سبعة آلاف شيخ -.
وكان حافظاً ديناً، جمع بين المتون والأسانيد، سمع ببغداد، ثم رجع إلى دمشق، ثم رحل إلى خراسان، ودخل نيسابور وهراة وأصبهان والجبال، وصنف التصانيف المفيدة، وخرج التخاريج، وكان حسن الكلام على الأحاديث، محظوظا في الجمع التأليف، صنف ((التاريخ لدمشق)) في ثمانين مجلدا، أتى فيه بالعجائب، وهو على نسق ((تاريخ بغداد)) - للخطيب البغدادي، من حيث شرطه فيمن ذكرهم فيه، ولكنه أضعافه حجما واتساعا وشمولا وإفادات متنوعة -.
قال لي شيخنا الحافظ العلامة زكي الدين أبو محمد عبد العظيم المنذري حافظ مصر، وقد جرى ذكر هذا التاريخ، وأخرج لي منه مجلدا، وطال الحديث في أمره واستعظامه: ما أظن هذا الرجل إلا عزم على وضع هذا التاريخ من يوم عقل على نفسه، وشرع في الجمع من ذلك الوقت، وإلا فالعمر يقصر عن أن يجمع فيه الإنسان مثل هذا الكتاب بعد الاشتغال والتنبه (?).