فلا تمضي له ساعة إلا في قراءة قرآن، أو ذكر، أو تهجد، أو قراءة الناس عليه، وكان يمنع الناس من التحديث في مجلسه بلغو أو غيبة إنسان أو ما لا فائدة فيه. لا يخرج من بيته إلا لحضور جمعة أو عيد أو جنازة، ولا يحضر دور أبناء الدنيا في هناء ولا عزاء.
قال ابن النجار تلميذه: لقد طفت الأرض شرقاً وغرباً، ورأيت الأئمة والعلماء والزهاد، فما رأيت أكمل منه ولا أكثر عبادة ولا أحسن سمتا، صحبته قريبا من عشرين سنة ليلا ونهارا، وتأدبت به وخدمته، وقرأت عليه القرآن بجميع مروياته وقراءاته، وسمعت منه أكثر مروياته في الحديث، وقرأت عليه الكتب المطولات واستفدت منه كثيراً.
قال يحيى بن القاسم مدرس النظامية: كان ابن سكينة عالما عاملا، لا يضيع شيئا من وقته، وكنا إذا دخلنا عليه يقول: لا تزيدوا على (سلام عليكم) مسألة، لكثرة حرصه على المباحثة وتقرير الكلام)). انتهى. والمدرسة النظامية أرقى معاهد العلم في بغداد آنئذ.
وهذا - والله - شيء عجب! إذ يدعوهم إلى اختصار السلام: (سلام عليكم)، ويمنعهم من التجمل بالمجاملات المعتادة أول اللقاء، ويأمرهم أن يدخلوا في المباحثة والمدارسة فور سلامهم، كسباً للوقت.
وممن حافظوا على الاستفادة من الوقت بشكل عجيب، وحال لا تخطر على بال: الإمام ابن تيمية الجد: مجد الدين أبو البركات عبد السلام بن عبد الله بن تيمية الحراني الحنبلي، المولود في حدود سنة 590، والمتوفي سنة 653 رحمه الله تعالى.