وإن العمر الطويل ينقضي يوما بعد يوم، وكثيرا ما تنسى أنه يمضي مسرعا ولا يعود، فتغفل عن اكتسابه والانتفاع به، وتظنه مديدا طويلا، مقيما بطيئا، وحقيقته غير ذلك، قال الإمام أحمد بن حنبل رضي الله عنه: ما شبهت الشباب إلا بشيء كان في كمي فسقط! (?). وقد عاش 77 سنة. فالشباب وإن امتد يسير، والعمر وإن طال قصير، ورحم الله القائل:
أذان المرء حين الطفل يأتي ... وتأخير الصلاة إلى الممات
دليل أن محياه يسير ... كما بين الأذان إلى الصلاة
وقال آخر:
وما بين ميلاد الفتى ووفاته ... -إذا نصح الأقوام أنفسهم- عمر
لأن الذي يأتي شبيه الذي مضى (?) ... وما هو إلا وقتك الضيق النزر
ومن المؤسف أنه قد انتشر في صفوف طلبة العلم اليوم: الكسل العقلي، وغلب عليهم إيثار الراحة والدعة على الجد والدأب، وصارت الرفاهية وأنواع من الفضول مقصدا من مقاصد الحياة عندهم، وغدت المتع مطلبا من مطالبهم، فلم يبق لديهم وقت للدرس والتحصيل، وصارت