رسالته اللطيفة الناصحة لولده، المسماه ((لفتة الكبد في نصيحة الولد)): ((الكسل عن الفضائل بئس الرفيق! وحب الراحة يورث من الندم ما يربو على كل لذة، فانتبه واتعب لنفسك، وأندم على ما مضى من تفريطك، واجتهد في لحاق الكاملين ما دام في الوقت سعة، واسق غصنك ما دامت فيه رطوبة، واذكر ساعتك التي ضاعت، فكفى بها عظة، ذهبت لذة الكسل فيها، وفاتت مراتب الفضائل!
وإنما تقصر الهمم في بعض الأوقات، فإذا حثت سارت، وما تقف همة إلا لخساستها! وإلا فمتى علت الهمة فلا تقنع بالدون.
إذا ما علا المرء رام العلا ... ويقنع بالدون من كان دونا
ثم اعلم أن طلب الفضائل منها نهاية مراد المجتهدين، ثم الفضائل تتفاوت، فمن الناس من يرى الفضائل: الزهد في الدنيا، ومنهم من يراها التشاغل بالتعبد.
وعلى الحقيقة فليست الفضائل الكاملة إلا الجمع بين العلم والعمل، فإذا حصلا رفعا صاحبهما إلى المقام الأسمى، فتلك الغاية المقصودة، وعلى قدر أهل العزم تأتي العزائم، فينبغي أن تسمو همتك إلى الكمال، فإن خلقا وقفوا مع الزهد، وخلقا تشاغلوا بالعلم، وندر أقوام جمعوا بين العلم الكامل والعمل الكامل.
وليس كل ما يراد مرادا، ولا كل طالب واجدا، ولا كل مبتدئ بأمر محمود مكملا ما بدأ به! وما كل ما يهوى امرؤ هو نائله، وكما قال أبو الطيب: