قلت لأبي عبد الله: فرجل يريد الخروج إلى الثغر وله دار يريد أن يبيعها قال: لا قلت: فإن قال: إنما أبيع النقض، فتبسم وقال: إن رضي المشتري كأنه عنده حيلة ثم قال: قد ورث ابن سيرين أرضاً من أرض السواد قلت: فهي رخصة قال: هذا معروف عن ابن سيرين، قال أبو بكر: سمعت أبا عبد الله يقول: أنا أفرح إذا لم يكن عندي شيء وقال: ما أعدل بالفقر شيئاً وقال: هذه الغلة ما تكون قوتنا، فأخبرته أنّ رجلاً قال: لو أنّ عبد الله ترك هذه الغلة وكان يتصنع صديقاً له كان أعجب إلي فقال أبو عبد الله: هذه طعمة سوء أو قال: ردية من تعود هذا لم يصبر عنه ثم قال: هذا أعجب إليّ من غيره.
حدثنا عن عبد الله بن نوح السراج قال: قال لي بشر: ياسراج، أنت بعد في القطيعة قلت: نعم قال: أغناك الله عزّ وجلّ عن الدخول إليها، حدثت عن بعض أصحاب بشر قال: وصف لي شيء أتداوى به وقال: ليس تجده إلاّ في بستان بني كذا يعني القطيعة فقال: لو كان شفائي فيه ما أردته، محمد بن حاتم قال: سمعت ابن أبي بشر يقول: كنت مع بشر وقد خرجنا من باب حرب فقال لي: يا أبا يعقوب، فكرت في هذه القرية ومن كره الدخول إليها وأعلم أنّ الدباغ إذا كان في المدبغة لا يشم رائحتها إنما يشم رائحتها من ورد عليها، قال بعضهم: وسمعت بشراً يقول: من ذنوبي مقامي ببغداد، وقال شعيب بن حرب: أي رجال ببغداد كان لهم خير؟ وعن عبد الوهاب قال: خرج من ههنا إلى المدائن إلى شعيب بن حرب قوم فكلموه في النزول ببغداد فأشار علهم أن لايرجعوا، فتركوا دورهم وأقام بعضهم ليستقي ماء بالمدائن، ولقد رأى شعيب بعضهم يستقي الماء فقال: لو رآك سفيان لفرح بك، قلت لأبي عبد الله: جاءنا كتاب من طرسوس فيه أنّ قوماً خرجوا من نيف الأسل فطحنوا لهم طعاماً على رحى، فتبينوا بعد أن الرحى فيه ما يكرهونه غصب، فتصدق بعضهم بنصيبه وأبى بعضهم وقال: لست آمر فيه شيء لا أرضى أكله لا أرضى أتصدق به فأي شيء تقول؟ فكان مذهب أبي عبد الله أنْ يتصدق به إذا كان شيئاً يكرهه، ورجل اشترى حطباً واكترى دواب وحمله، ثم تبين بعد أنه يكره ناحيتها، كيف يصنع بالحطب؟ ترى أنْ يرده إلى موضعه وكيف ترى أنْ يصنع به؟ فتبسم وقال: ما أدري، قلت إنّ رجلاً قال لأبي عبد اللّّه: ما تقول في نفاطة لمن تكره ناحيته ينقطع شسعي أستضيء به قال: لا.
وذكر أبو عبد الله عثمان بن زائدة أنّ غلامه أخذ له ناراًمن قوم يكرههم فأطفأها، فقال أبو عبد الله: النفاطة أشد، قلت لأبي عبد الله: تنور سجر بحطب أكرهه فخبز فيه، فجئت أنا بعد فسجرته بحطب آخر فيه قال لا، أليس أحمى بحطبهم وكرهه، قلت لأبي عبد الله: الخادم الخصي ينظر إلى شعر مولاته قال: لا، قلت: المرأة