حدثت عن عبد القدوس بن عبد السلام قال: كتب إبراهيم ابن أدهم إلى عباد بن كثير: اجعل طوافك وسعيك وحجك كنومة غازٍ في سبيل الله عزّ وجلّ، فكتب عباد إلى إبراهيم: اجعل حرسك ورباطك وغزوك كنومة كاد على عياله من حله، وروينا عن العباس قال: سمعت أحمد بن ثور يقول: شيع رجل إبراهيم ابن أدهم إلى الصنوبر فقال: يا أبا إسحاق أوصيني قال: أكثر وأوجز قال: ما الحاج المعتمر ولا الغازي المرابط ولا الصائم والقائم بأفضل عندنا ممن أغنى نفسه عن الناس.
وروينا عن لقمان قال لابنه: يا بني، خذ من الدنيا بلاغاً ولا ترفضها كل الرفض فتكون عيالاً على الناس.
وحدثون عن شاذان قال: سألت الحسن بن حيّ عن شيء من المكاسب فقال: إن نظرت في هذا حرم عليك ماء الفرات ثم قال: طلب الحلال أشد من لقاء الزحف.
وروينا عن الهيثم بن جميل قال: قال ابن المبارك: اركب البر والبحر واستغن عن الناس، قال الهيثم: ربما يبلغني عن الرجل يقع فّي فأذكر استغنائي عنه فيهون ذلك علي.
وروينا عن حماد بن زيد قال: قال أيوب: كسب فيه بعض الشيء أحب إليّ من الحاجة إلى الناس.
أنشدونا عن ابن أبي الدنيا قال: أنشدني عمر بن عبد الله:
لنقل الصخر من قلل الجبال ... أخف عليّ من منن الرجال
يقول الناس كسب فيه عار ... فقلت العار في ذل السؤال
حدثنا عن موسى بن طريف قال: ركب إبراهيم بن أدهم البحر فأخذتهم ريح عاصف أشرفوا على الهلكة فقالوا: يا أبا إسحاق، أما ترى ما نحن فيه من الشدة؟ قال وهذه شدة؟ قالوا فأي شيء الشدة؟ قال الحاجة إلى الناس، وأنشدنا بعض العلماء لبعض الأدباء:
لموت الفتى خير من البخل للغني ... وللبخل خير من سؤال بخيل
فلا تجعلن شيئاً لوجهك قيمة ... ولا تلق مخلوقاً بوجه ذليل
ولا تسألن من كان يسأل مرة ... فللفقر خير من سؤال سؤل
وأنشدنا بعض الأشياخ:
إذا عدت الآفات فالبخل شرّها ... وشرّ من البخل المواعيد والمطل
ولا خير في وعد إذا كان كاذباً ... ولا خير في قول إذا لم يكن فعل
وأنشدنا لبعضهم:
إذا كنت لا بدّ مستطعماً ... فمن غير من كان يستطعم
فإنّ الذي كان مستطعماً ... إذا ذكر الجوع لا يطعم