يناوله، وفعل مثل ذلك سفيان الثوري مع المهدي فكان بيد المهدي درج أبيض وقد أدخل عليه الثوري فقال له: يا أبا عبد الله أعطني الدواة حتى أكتب، فقال: أخبرني بأيّ شيء تكتب، فإن كان حقّاً أعطيتك وإلاّ كنت عوناً على الظلم، وكان بمكة أمير قد أمر رجلاً أن يقوم له على الصناع في عمارة ثغر من الثغور قال: فوقع في نفسي من ذلك شيء، فسألت سفيان عن ذلك فقال: لا تفعلنّ ولا تكنّ عوناً لهم على قليل ولا كثير، فقلت: يا أبا عبد الله سور في سبيل الله تعالى للمسلمين فقال: نعم ولكن أقل ما يدخل عليك أن تحبّ بقاءهم ليوفونك أجرتك، فتكون قد أحببت من بغض الله عزّ وجلّ، وقد جاء في الخبر: من دعا لظالم بالبقاء فقد أحبَّ أنْ يعصي الله عزّ وجلّ.

وفي الحديث: أنّ الله ليغضب إذا مدح الفاسق، وفي خبر آخر: من أكرم فاسقاً فكأنما أعان على هدم الإسلام، وليجتنب هذا السوقي البيوع الفاسدة مثل بيع الغرر والخطر والمجهول، ومثل بيعتين في بيعة، أحدهما مصارفة أو مشارطة، ولا يبيع ما ليس عنده ولا ما اشتراه حتى يقبضه، ولا يبيع الدين بالدين ولا يتبايعان الثمار حتى يبدو صلاحها ويؤمن عليها العاهة، ومن النخيل حتى تحمّر أو تصفرّ، ومن العنب حتى يلين أو يسود، ونهى، رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عن النجش، وهو أن يعطي بسلعة شيئاً وهو لا يريد أن يشتريها بشئ ليغرّ غيره بها، ولا يبتاع شيئاً من ذهب وخرز مثل القلادة ونحوها حتى يفصل كل واحد على حدته، كذلك السنّة، ولا يتبايعان ما لم يظهر من الحيوان والثمار، ويجتنب القبالات مسانهة إلاّ شهراً بشهر أو سنة، فقد كره ذلك، وليتوقّ كل بيع وشراء أخبر العلم ببطلانه من دخول ربا فيه أو خروج من حكم العلم به، فإن ذلك كله منقصة للدين، مخبثة للكسب، فإن أشكل عليه شيء من هده الأمور لخفائها سأل أهل العلم والفتيا فيأخذ عنهم على مذهب الورعين ورأي المتّقين، وليحتط لدينه، ولينظر لنفسه ولا يغمض في أمر آخرته، فذلك خير له وأحسن توفيقاً، وليجتنب الصنائع المحدثة من غير المعروفة والمعايش المتبدعة في زماننا هذا، فإن ذلك بدعة ومكروه إذا لم يكن فيما مضى من السلف، وكلما كان سبباً للمعصية من آلة وأداة فهو معصية، فلا يصنعه ولا يبيعه، فإنه من المعاونة على الإثم والعدوان، وكلما أخذ من المال على عمل بدعة أو منكر فهو بدعة ومنكر، وكل معين لمبتدع أو عاص فهو شريكه في بدعته ومعصيته، وأخذ المال على جميع ذلك من أكل المال بالباطل، ومن أكل الحرام فقد قتل نفسه وقتل أخاه لأنه أطمعه إياه، قال الله تعالى: (ولا تأكُلُوا أَمْوالُمْ بَيْنَكُم بِالبَاطِلِ) البقرة: 188، وقال تعالى: (ولا

طور بواسطة نورين ميديا © 2015