أدناهن، ومنهن الأمارة بالسوء وهي شرهن لا تستر من الأذى ولا تني عن خلق السوء والبذاء، ومنهن بمنزلة النفس اللوّامة وهي من صالحي النساء، ومنهن المطمئنة المرضية وهذه هي الصالحة الخيّرة الساكنة الراضية، وفصل الخطاب: إنْ كان صلاح قلب العبد واستقامة حاله في بالعزبة فلا أعدل بالوحدة شيئاً، لأن أقل ما فيها السلامة، والسلامة في وقتنا هذا فضيلة وغنيمة، وإن تاقت نفسه إلى التزويج ولم يأمن دواعي الهوى فيتزوج إذا أدى إلى سلامة دينه، وإنْ لم تتم كفايته بواحدة ضم إليها أخرى فإن لم تكن بهما غنيمته وتمام حاله وتحصينه زاد ثالثة إلى أربع، فإن الأربعة مع توقان النفس إلى النكاح وقوة شهوتها في التنقل في المناكح بمنزلة الواحدة، وإنّ الواحدة مع وقوع الكفاية ووجود الاستغناء تنوب عن الأربع، كذلك خير الله عزّ وجلّ صورة النفس فيما عليه جبلها، وفاوت بين الطبائع فيما عليه جعلها، يقال: إنّ الله عزّ وجلّ أباح الجمع بين الأربع لأجل الطبائع الأربع، لكل طبيعة واحدة على قدر حركاتها وتوقان النفس عندها، ولا نقص على العبد في ذلك إذا قام بما عليه لهن أو سمحن بحقوقهن من النفقة والمبيت له، بل ذلك مزيد له.

ودلالة على قوته وتمكنه في الحال، وهذه طرائق الأقوياء والأئمة من الرجال، وأيضاً فإنّ الله عزّ وجلّ ما أنعم به من امتطاء الأربع من النساء من الحكمة، وتلوين الطبع في الصنعة مثل ما أنعم به من تكوين سيرة المطايا، التي جعلهن مراكب عباده، فجعل تفاوت تكوين وطء الأربعة بمنزلة تغاير مشي دواب البر الأربعة فقال عزّ وجلّ: (وَالخَيْلَ والبغالَ والحميرَ لِتَرْكَبُوها وَزينَةً) النحل: 8، وقال عزّ وجلّ: (مِنَ الفُلْكِ والأنْعَامِ ما تَرْكَبُونَ) الزخرف: 12، يعني الإبل، فسير الناقة غير سير الفرس، وسير البغل مخالف لمشي الحمار، وكذلك جعل لمن جمع الأربع بالوطء ما لا يجعل بالآحاد والمثنى والثلاث، فحسن ذلك وأباحه لمن جمع بنيهن أربعًا كإطلاقه لمن جعل له المطايا أربعة ينتقل على دابة بعد دابة، فكان له فرس وبغل وحمار إذا اتسع بذلك وأقام بمؤونتهن، وقد يكتفي الواحد بدابة واحدة فيكون فيها بلاغ إلى حين، ذلك تقدير العزيز العليم وإتقان صنع المنعم الحكيم، وقد شرط الله تعالى مع الزوجة ثلاثة شروط، إنْ وجدت تمّت بهن كفاية العبد وسكنت بها نفسه، وكان ذلك من آيات الله الدالة عليه، وإنْ لم توجد الشروط الثلاثة مع الإحدى، كان له المزيد عليها إلى الرباع، وكن في المعنى كالآحاد لعدم الشروط التي أخبر الله عزّ وجلّ بسكون النفس عندها، وعند الأربع توجد الشروط في قلوب المؤمنين لا محالة كما أخبر عزّ وجلّ، وكان ذلك أيضًا من آياته وحكمته الدالة عليه فقال سبحانه: (وَمنْ آياتِهِ أنّ خلَقَ لَكُمْ مِنْ أنْفُسًكُمْ أَزْواجاً لِتَسْكنُوا إليْها وجعلَ بينْكمْ مَوَدَّةً وَرَحْمَةً)

طور بواسطة نورين ميديا © 2015